للمحسوسات وجودا آخر غير محسوس فيصير مؤمنا بوجود نشأة أخرى غير نشأة الأجسام ولواحقها واما متشبثات المنكرين لهذا الحضور العلمي المباين للوجود الخارجي مثل قولهم لو كان للأشياء الخارجية وجود في نفوسنا لزم اجتماع الضدين عند تصورنا السواد والبياض ومثل قولهم ان الماهيات كالانسان والفلك والأرض إذا انطبعت في العقل فهي من حيث إنها صوره جزئيه حاصله في ذات شخصية تكون لا محاله موجودة في الخارج (1) فان كانت متحدة مع الافراد الخارجية في الماهية ولوازمها لكان يجب ان يترتب عليها الخواص واللوازم الخارجية فكانت الحرارة محرقة و الانسان متحركا ناميا كاتبا والسواد قابضا للبصر وليس كذلك وان لم تكن متحدة معها في الماهية لم يكن لشئ واحد وجودان كما هو المطلوب ومثل قولهم لو كان علمنا بالأشياء عبارة عن وجودها في أنفسنا لزم منه ان يصير النفس متحركة ساكنة حارة باردة فقد عرفت في أوائل الكتاب وجه حل هذه الشكوك وأمثالها من أن هذا الوجود العلمي وجود آخر والماهية إذا وجدت بهذا الوجود يسلب عنه كثير من الصفات والآثار المترتبة عليها في الوجود المادي من التضاد والتفاسد والتزاحم وغير ذلك.
واما ما تفصى بعضهم بقوله ان من الجائز ان يختلف لوازم الشئ بحسب اختلاف القوابل حتى تكون الحرارة متى خلت بالمادة الجسمانية يعرض لها عوارض مخصوصة ومتى حلت النفس المجردة عن الوضع والمقدار لا يعرض لها شئ من