الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة - صدر الدين محمد الشيرازي - ج ٤ - الصفحة ٢٨٠
فصل في أن العلم بالأشياء الغائبة وجوداتها عنا لا بد فيه من تمثل صورها عندنا (1) قد مر في مباحث الوجود ان للأشياء سيما المعدومات بل الممتنعات صورا متمثلة في الذهن (2) لأنا نحكم عليها بأحكام ثبوتية صادقه كالحكم بان شريك الباري ممتنع واجتماع النقيضين محال والجبل من الذهب والبحر من الزيبق جوهر جسماني معدني لا وجود له في العين وصدق الحكم بثبوت شئ لشئ يستدعى وجود المثبت له في ظرف الثبوت فلهذه الأشياء وجود في نحو من الوجود إذ لا يمكن ان يكون الشئ موصوفا في الخارج بامتناع الوجود أو باللا وجود في الخارج لان الشئ ما لم يجب لم يوجد وإذا وجد لم يكن معدوما فثبوت العدم والامتناع لا يكون الا في العلم دون العين.
واما الشبهة بان الحكم على الشئ بالامتناع لو اقتضى كونه ممتنع الكون لكانت الصور العلمية للأشياء الممكنة وهي عين ماهياتها أيضا ممتنعه لاستحالة حصولها

(1) ما ذكره قدس سره من البراهين على اثبات هذا العنوان كنفس العنوان يختص بالعلوم الحصولية التي لنا أعني العلم بالأشياء الخارجة وجوداتها عنا واما الأعم من هذا العنوان أعني كون كل علم بالشئ الخارج وجوده عن وجود العالم على طريق تمثل الصورة فيمكن البرهنة عليه بالأخذ من هذه البراهين بالتعميم وهو ظاهر واعلم أن هاهنا نظرا أدق من هذا النظر وذلك بارجاع العلم الحصولي إلى العلم الحضوري فينتج ان المعلوم بالعلم الحصولي سواء كان كليا أو جزئيا جوهر مجرد عقلي أو مثالي يتحد به العالم نوعا من الاتحاد وسيجئ الإشارة إليه ط مد (2) لما فرغ من بيان الغنى عن مطلب ما الحقيقة للعلم شرع في مطلب هل البسيطة له وان أدله الوجود الذهني دليل هليته قوله سيما الخصوصية لأجل حصر وجودهما فيه دون وجود غيرهما س ره.
(٢٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 275 276 277 278 279 280 281 282 283 284 285 ... » »»
الفهرست