الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة - صدر الدين محمد الشيرازي - ج ٤ - الصفحة ٣٦٠
فصل في أنواع الادراكات اعلم أن أنواع الادراك أربعة احساس وتخيل وتوهم وتعقل فالاحساس ادراك للشئ الموجود في المادة الحاضرة عند المدرك على هيئات مخصوصة به محسوسه معه من الأين والمتى والوضع والكيف والكم وغير ذلك وبعض هذه الصفات (1) لا ينفك ذلك الشئ عن أمثالها في الوجود الخارجي ولا يشاركه فيها غيره لكن ما به الاحساس والمحسوس بالذات والحاضر بالذات عند المدرك هو صوره ذلك الشئ لا نفسه وذلك لأنه ما لم يحدث في الحاس اثر من المحسوسات فهو عند كونه حاسا بالفعل وكونه حاسا بالقوة على مرتبه واحده ويجب إذا حدث فيه اثر من المحسوس ان يكون مناسبا له لأنه إن كان غير مناسب لماهيته لم يكن حصوله احساسا به فيجب ان يكون الحاصل في الحس صورته متجردة عن مادته لكن الحس لا يجرد هذه الصورة تجريدا تاما والتخيل أيضا ادراك لذلك الشئ مع الهيئات المذكورة لان الخيال لا يتخيل الا ما أحس به ولكن في حالتي حضور مادته وعدمها والتوهم ادراك لمعنى غير محسوس بل معقول لكن لا يتصوره كليا بل مضافا إلى جزئي محسوس ولا يشاركه غيره لأجل تلك الإضافة إلى الامر الشخصي والتعقل هو

(1) استعمال لفظ البعض لاخراج مثل الجدة وان يفعل وغير ذلك مما هو مشمول لفظ غير ذلك والا فالخمسة المذكورة مشتركة في أن خصوصياتها ينفك ذلك الشئ عنها ومطلقاتها لا ينفك عنها حتى الكيف فإنه وان أمكن انفكاك الألوان والطعوم والروائح ونحوها عنه بالتبدل إلى الاشفاف والتفاهية مثلا الا انه لا ينفك عنه مطلق الكيف كالكيفيات الملموسة ومنها الميول والكيفيات المختصة بالكم ومنها الشكل واما عدم مشاركه غيره واضح حتى في المتى فان الزمان وإن كان مشتركا الا ان متى كل واحد ليس مشتركا لان هيأة محاطية كل واحد للزمان هي متاه المخصوصة س ره.
(٣٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 355 356 357 358 359 360 361 362 363 364 365 ... » »»
الفهرست