لكن المدققين لما عرفوا فساد القول بالاتحاد زعموا ان الشئ إذا عقل ذاته فهناك العقل والمعقول والعاقل شئ واحد.
أقول الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله فانا باعلام الله وتنويره قد أوضحنا سبيل الحق في ما بعد عن دركه كثير من الحكماء فضلا عن الفضلاء بحيث لم يبق لأحد بعد ذلك مجال التردد فيه الا لسوء فهمه أو قصور عقله واما كون الجوهر المجرد عاقلا لذاته ومعقولا لها من غير تكثر فيه ولا حاجه إلى حيثية زائدة على نحو وجوده فلا خلاف لأحد من الحكماء فيه بل الكل معترفون به.
قال الشيخ في المقالة الثامنة من إلهيات الشفاء في الفصل الذي عقده لبيان انه تعالى تام بل فوق التمام هو معقول محض لان المانع من كون الشئ معقولا هو ان يكون في مادة وعلائقها وهو المانع ان يكون عقلا فالبرئ عن المادة والعلائق المتحقق بالوجود المفارق هو معقول لذاته ولأنه عقل بذاته فهو أيضا معقول بذاته فهو أيضا معقول ذاته فذاته عقل وعاقل ومعقول لا ان هناك أشياء متكثرة وذلك لأنه بما هو هويه مجرده عقل وبما يعتبر له ان هويته المجردة لذاته فهو معقول لذاته وبما يعتبر له ان ذاته له هويه مجرده هو عاقل ذاته فان المعقول هو الذي ماهيته المجردة لشئ والعاقل هو الذي له ماهية مجرده لشئ وليس من شرط هذا الشئ ان يكون هو أو آخر بل شئ مطلقا أعم من هو أو غيره فالأول باعتبارك ان له ماهية مجرده لشئ هو عاقل وباعتبارك ان ماهيته المجردة لشئ هو معقول وهذا الشئ هو ذاته فهو عاقل بان له الماهية المجردة التي لشئ وهو ذاته ومعقول بان ماهيته المجردة هي لشئ هو ذاته وكل من تفكر قليلا علم أن العاقل يقتضى شيئا معقولا وهذا الاقتضاء