وليس الامر كذا واما الثاني وهو ان يكون بقوة فيه فهو المطلوب واما الثالث فتلك القوة في المفارق اما ان يكون نفسها يوجب هذا التأثير فيكون الكلام فيه كالكلام في المفارق وقد مر وإن كان على سبيل الإرادة فلا يخلو اما ان يكون الإرادة ميزت هذا الجسم بخاصية فيه أو لا بل اثر فيه جزافا فإن كان تأثيره جزافا كيف اتفق لم يستمر أوضاع العالم سيما الأفلاك على هذا النظام الدائمي أو الأكثري إذ الاتفاقيات كما ستعلم ليست بدائمة ولا أكثرية لكن الأمور الطبيعية أكثرية أو دائمه وليس فيها شئ بالاتفاق والجزاف كما ستعلم ان جميعها متوجهه نحو اغراض كليه فليست اذن باتفاقية فبقي ان يكون بخاصية فيه ويكون تلك الخاصية لذاتها موجبه للحركة وهي القوة والطبيعة وهي التي بسببها يطلب الجسم بالحركة كمالاتها الثانية من أحيازها وأشكالها وغير ذلك وسنتكلم فيها في باب الصور الجسمانية ومثل هذه الطبيعة إذا عرضت للأجسام حالة غريبه كالماء إذا سخن والأرض إذا ارتفعت والهواء إذا انضغط بالقسر ردتها الطبيعة بعد زوال المبدء الغريب والقاسر إلى حالتها الطبيعية وحفظت عليها تلك الحالات فردت الماء إلى برودته والأرض إلى مكانها الأسفل والهواء إلى قوامه ورقته وكذا الأبدان إذا انحرفت أمزجتها ومرضت باستيلاء بعض العناصر فإذا قويت الطبيعة المدبرة إياها ردتها إلى المزاج الموافق ومن هاهنا أيضا يعلم أن النفس ليست بمزاج فان المزاج المعدوم لا يعيد ذاته إلى الحالة الأصلية لاستحالة اعاده المعدوم فصل في أن كل حادث يسبقه قوه الوجود ومادة تحملها كل ما لم يكن يسبقه قوه الوجود فيستحيل حدوثه وكل كائن بعد ما لم يكن بعديه لا يجامع القبلية فإنه يسبقه مادة وذلك لأنه (1) قبل وجوده يكون
(٤٩)