الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة - صدر الدين محمد الشيرازي - ج ٤ - الصفحة ١٠١
فصل في استيناف برهان آخر على وقوع حركه في الجوهر اعلم أن الطبيعة الموجودة في الجسم لا يفيد شيئا من الأمور الطبيعية (1) فيه لذاتها لأنها لو كانت تفعل في جسمها لكان لها فعل من دون وساطة الجسم والتالي باطل فالمقدم مثله اما بيان بطلان التالي فلأنها قوه جسمانية ولو فعلت من غير وساطة الجسم لم تكن جسمانية بل مجرده واما بيان حقية الملازمة فلان الطبائع والقوى لا تفعل الا بمشاركة المادة والوضع وبرهانه ان الايجاد متقوم بالوجود متأخر عنه إذ الشئ ما لم يوجد لم يتصور كونه موجدا فكونه موجدا متفرع على كونه موجودا فالشئ إذا كان نحو وجوده متقوما بالمادة فكذلك نحو ايجاده متقوم بها ثم إن وجود المادة وجود وضعي وتوسطها في فعل أو انفعال عبارة عن توسط وضعها في ذلك فما لا وضع لها بالقياس إليه لم يتصور لها فعل فيه ولا انفعال له منها فلو كان لقوه فعل بدون مشاركه الوضع لكانت مستغنية عن المادة في فعلها وكل مستغن عنها في الفعل مستغن في الوجود فكانت مجرده عنها هذا خلف ويلزم من هذا ان لا يكون للطبيعة فعل في نفس المادة التي وجدت فيها إذ لا وضع للمادة بالقياس إلى ذاتها والى ما حل في ذاتها والا لكان لذي الوضع وضع آخر هذا محال فكل ما يفعل المادة أو يفعل في المادة فيمتنع ان يكون وجودها ماديا فالطبيعة الجسمانية يمتنع ان يكون لها فعل في مادتها والا لتقدمت المادة الشخصية على المادة

(1) أقول فيه أولا ان هذا تعطيل للقوى والطبائع وهو باطل كابطالها على ما هو مذهب بعض المليين اللهم الا ان يتخلص عن ذلك بأنها وان ليس لها تأثير في محالها الا ان لها تأثيرا في الموارد المنفصلة عنها أو بما ذكر في الاخر ان فيض الوجود يمر عليها بواسطة الطبيعة وثانيا ان اشتراط الوضع لتحصيل الربط والعلاقة بين المؤثر والمتأثر وأية علاقة أشد من العلاقة الاتحادية التي بين القوة ومحلها سيما ان الفاعلية عنده وعند أكثر المتألهين هي التشأن ولنعم ما قال المصنف قدس سره في سفر النفس ان الوضع في حصول الفعل والانفعال في الجسمانيات بمنزله القرب المعنوي في استجلاب الفيض في الروحانيات وفي المبدء والمعاد قال لا يشترط البينونة بين الفاعل والمنفعل كما في فاعليه الصورة بالنسبة إلى المادة فاشتراط الوضع لفاعلية القوة في غير مادتها واما في مادة نفسها فلأجل خذ الغايات ودع المبادئ وثالثا انه لو تنزلنا قلنا يكفي في مادية الفعل ووضعية نفس المادة التي هي محل القوة وبعبارة أخرى الوضع بمعنى جزء المقولة فإنه الوضع الذي لا يوجد الجسم وقوته بدونه كما في الفلك الأطلس حيث لامكان له عندهم سوى الحيز و هو الوضع والترتيب لجسمه ودليله لا يفيد أكثر من ذلك وهو قوله فالشئ إذا كان نحو وجوده متقوما بالمادة فكذلك نحو ايجاده ثم إن وجود المادة وجود وضعي وكذلك قوله في فصل معقود لذلك لان المادة يكون وجودها وجود وضعي وكذلك كلما يتقوم وجوده بالمادة يكون وجوده وجود امر ذي وضع ولو بالتبع فيكون فاعليته أيضا بحسب الوضع وبالجملة هذا الدليل مذكور في الشواهد الربوبية أيضا وهو مناسب لمذاق الشيخ الاشراقي حيث يسند كل الآثار في عالمنا هذا إلى الصور النوعية المفارقة أعني العقول العرضية س ره
(١٠١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 96 97 98 99 100 101 102 103 104 105 106 ... » »»
الفهرست