الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة - صدر الدين محمد الشيرازي - ج ٤ - الصفحة ١٧١
الآنية الوجود فهو انما يعدم في جميع الزمان الذي طرفه ذلك الان وفي جميع الآنات الذي فيه بعد ذلك الان ولا يكون لعدمه آن أول يختص به ابتداء حصول العدم فإذا عرفت هذه الأصول فلنتكلم في كيفية عدم الان بل عدم كل ما ينطبق عليه فان هذا الان أو الآني إذا وجد فعدمه لا يخلو اما ان يكون تدريجيا (1) و كان منقسما فيكون الان زمانا والآني زمانيا هذا خلف وإن كان دفعه فاما ان يكون آن عدمه مقارنا لان وجوده وهو تتالي الأنين وذلك ممتنع واما ان يكون متراخيا عنه وحينئذ لا يخلو اما ان يكون بين الأنين زمان متوسط فحينئذ يكون الان مستمرا في ذلك المتوسط واما ان لا يكون بينهما متوسط (2) فيلزم تشافع الآنات ثم الكلام في عدم الان الثاني كالكلام في عدم الان الأول ويلزم منه تركب الزمان عن الآنات المتتالية والكل محال فالحق ان عدمه في جميع الزمان الذي بعده وهذا قسم ثالث من الحدوث وهو صحيح.
فان قلت هب ان عدم الان في جميع الزمان الذي بعده لكن ليس كلامنا في مطلق عدمه بل في ابتداء عدمه ومن المعلوم انه ليس ابتداء عدمه في جميع الزمان الذي بعده فهو اما ان يحصل تدريجا أو دفعه فيعود الاشكال.
قلنا الابتداء للشئ له معنيان (3) أحدهما طرف الزمان الذي يحصل فيه ذلك

(1) لا يقال عدم المماسة ليس آنيا بل زماني ولم يلزم انقسام المماسة لأنا نقول لم يكن عدم المماسة زمانيا على وجه الانطباق فالمراد بالتدريج هنا التدريج بالمعنى الأخص كما في الزمان المنطبق لا الأعم المأخوذ في تعريف مطلق حركه الشامل للتوسط والقطع بقولهم حركه خروج الشئ من القوة إلى الفعل تدريجا بل التدريج الحقيقي انما هو في حركه الحقيقة التي هي التوسط س ره (2) أي زمان متوسط فيكون بينهما آن تحقيقا لمعنى التراخي كما اتى بصيغة الجمع س ره (3) قد مر هذا في دفع بعض الشبهات التي في حركه وتوضيحه ان ابتداء الشئ قسمان أحدهما ما هو المحدود له والمخالف له بالنوع كالنقطة للخط والسكون للحركة و الان للزمان وثانيهما الجزء الأول منه الذي هو من سنخه وطبيعته كجزء أول من الخط أو الزمان أو التدريجي الاخر فالابتداء بالمعنى الثاني لا يكون للامر التدريجي بل للممتد القار لبطلان الجزء الذي لا يتجزى وما في حكمه فالجزء الأول الحقيقي لا يكون لهذه الأشياء فان أقصر ما يتصور من الخط أو الزمان أو نحوهما قابل للقسمة الغير المتناهية و كذا كل قسم منها لكون الجزء في الممتدات بطبع الكل فالاجزاء متوافقة بالطبع وموافقة له فيه س ره
(١٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 166 167 168 169 170 171 172 173 174 175 176 ... » »»
الفهرست