نورا لغيره فإن كان نورا لنفسه كان مدركا لنفسه وإن كان نورا لغيره فلا يخلو ذلك الغير اما ان يكون نورا لنفسه أو لا يكون وعلى الثاني فهو اما ان يكون مظلما في نفسه أو لا وعلى الثاني فهو اما نور لغيره أو ليس بنور لغيره أيضا بل غسقا لغيره فعلى التقدير الأول كان ذلك الغير مدركا له وعلى التقادير الثلاثة فلم يكن ذلك الغير مدركا له ولا هو مدركا لنفسه هذا حاصل مذهبه فدل على أن علم الشئ بذاته عنده عبارة عن كونه نورا لنفسه وعلم الشئ بغيره عنده عبارة عن اضافه نورية بين شيئين نوريين (1) وهذه الأقوال ظواهرها متناقضة لكن يمكن تأويلها و ارجاعها إلى مذهب واحد هو ان العلم عبارة عن وجود شئ مجرد فهو وجود بشرط سلب الغواشي سواء كان علما لنفسه أو لشئ آخر فإن كان هذا الوجود المجرد المسلوب عنه الغواشي وجودا لنفسه كان عقلا لنفسه وإن كان وجودا لغيره كالاعراض كان عقلا لغيره أو خيالا له أو حسا له فهذا تحقيق معنى العلم مطلقا على الاجمال فلنرجع إلى ابطال ما يفهم من ظواهر الأقوال المذكورة في تفسير العلم ثم إلى تشييد ما هو الحق عندنا ثم إلى اصلاح بواطن ما ذكروه من تلك الأقوال بقدر الامكان فنقول اما كون التعقل أمرا سلبيا فهو ظاهر البطلان فانا إذا رجعنا إلى
(٢٨٦)