حال الوحدة العقلية لا يأبى عن اجتماع المعاني الكثيرة فيها فالحيوان العقلي كالحيوان المرسل قد يتحد فيه الحيوانات العقلية قال المعلم الأول في كتاب اثولوجيا ان العالم الاعلى هو الحي التام الذي فيه جميع الأشياء لأنه أبدع من المبدع الأول التام ففيه كل نفس وكل عقل وليس هناك فقر ولا حاجه البتة لان الأشياء التي هناك كلها مملوءة غنى وحياه كأنها حياه تغلي وتفور وجرى حياه تلك الأشياء انما ينبع عن عين واحده لا كأنها حراره واحده أو ريح واحده فقط بل كلها كيفية واحده فيها كل كيفية يوجد فيها كل طعم.
وقال فيه أيضا ان اختلاف الحياة والعقول هاهنا انما هو لاختلاف حركات الحياة والعقل فلذلك كانت حيوانات مختلفة وعقول مختلفة الا ان بعضها أنور و أشرف من بعض (1) وذلك أن من العقول ما هو قريب من العقول الأولى فلذلك صار أشد نورا من بعض ومنها ما هو ثان وثالث فلذلك صار بعض العقول التي هاهنا إلهية وبعضها ناطقة وبعضها غير ناطقة لبعدها عن تلك العقول الشريفة واما هناك فكلها ذو عقل فلذلك صار الفرس عقلا وعقل الفرس فرس ولا يمكن ان يكون الذي يعقل الفرس انما هو عاقل الانسان فان ذلك محال في العقول الأولى (2) فالعقل الأول