بالفعل التام فتكون لا محاله عاقلة لها بالفعل التام أو يكون لها خزانة يخزنها فيها وتلك الخزانة اما ذاتها واما بدنها أو شئ بدني لها وقد قلنا إن بدنها وما يتعلق ببدنها لا يصلح ان يكون محلا للمعقولات أو نقول إن هذه الصور العقلية أمور قائمه في أنفسها كل صوره منها نوع قائم في نفسه والعقل ينظر إليها مره ويغفل عنها فإذا نظر إليها تمثل فيها وإذا اعرض عنها لم يتمثل فتكون النفس كمرآة وهي كأشياء خارجه فتارة تلوح فيها وتارة لا تلوح وذلك بحسب نسب يكون بينها وبين النفس أو يكون كالمبدأ الفعال يفيض على النفس صوره بعد صوره بحسب طلب النفس ثم ذكر ان الحق هو القسم الأخير وأبطل باقي الشقوق وذكر انه سيبين في الحكمة الأولى ان هذه الصورة لا تقوم مفرده وأشار بذلك إلى ابطاله للصور المفارقة التي نسب القول بها إلى أفلاطون وشيعته من الأقدمين فبقي الصحيح عنده كون العقل البسيط خزانة للمعقولات فيرد الاشكال على طريقته انه كيف اختزنت واجتمعت في العقل البسيط صور هذه التفاصيل مجمله مع عدم القول بالاتحاد وبالجملة هذا المقصد من أمهات المسائل الإلهية وفيه سينكشف مسألة علم التوحيد الخاصي الذي يختص بذوقها أهل الله ولا يمكن تحقيق هذه المسألة الا بأحكام أصول سلفت في أوائل هذا الكتاب من كون الوجود هو الأصل في الموجودية والماهية منتزعة منه وان الوجود يشتد ويضعف وكلما قوى الوجود يصير أكثر جمعية وحيطة بالمعاني الكلية والماهيات الانتزاعية العقلية وإذا بلغ الوجود حد العقل البسيط المجرد بالكلية عن عالم الأجسام والمقادير يصير كل المعقولات وتمام الأشياء على وجه أفضل وأشرف مما هي عليه (1) ومن لم يذق هذا المشرب لا يمكنه تحقيق العقل
(٣٧٣)