متناهي القوة متناهي البقاء فيستحيل ان يكون أزليا فالعالم يستحيل ان يكون أزليا ولا يرد عليه ما أورده صاحب المطارحات بانا نقرر ان العالم متناهي قوه البقاء لكنه غير متناهي البقاء لا لذاته ولا لقوته بل لان علته دائمه وهي يمدها بالقوة الغير المتناهية الآثار والحركات وغيرها أقول قوله غير متناهي البقاء لا لذاته ولا لقوته كلام مجمل مغلط لأنه ان أراد به انه بحسب ماهيته الإمكانية ليس ذا قوه البقاء بل بوجودها الفائض عليها من الواجب يبقى ويدوم فلعل هذا غير مقصود المستدل إذ ربما ادعى ان وجود هذه الجواهر الجسمانية متناهي القوة لا انها من حيث ماهياتها ليست ذات قوه غير متناهية كيف وهي بحسب ماهياتها ليست بموجوده فضلا عن كونها غير متناهي القوة وان أراد به ان ذاتها الوجودية وهويتها الصادرة عن الجاعل ابتداء ليست بلا متناهي القوة الا انه يستمد من العلة الدائمة القوى والآثار فنقول هذا يمكن على وجهين.
أحدهما ان وجودها الشخصي (1) المتناهي في القوة والقدرة لا يبقى دائما لكن يصدر منه الآثار والأفاعيل الغير المتناهي بامداد المبدء العالي كما يدل عليه ظاهر كلامه وهو فاسد فان وجود الاعراض والآثار والافعال اللاحقة للشخص تابع لوجوده والشخص الجوهري أقوى في الوجود من جميع ما يتبعه وفيض الوجود لا يصل إليها الا بعد أن يمر على المتبوع الملحوق به ما يتفرع عليه فعدم تناهى الآثار (2) والمعاليل يستلزم عدم تناهى العلة المتوسطة سواء كانت فاعلا قريبا أو قوه قابلية أو آله أو موضوعا ولا ينتقض ما ذكرناه بالهيولى الأولى التي تقبل آثارا غير متناهية لأنها لا تقبل هذه الآثار الا بورود الاستعدادات والقوى الغير المتناهية وليست وحدتها الباقية الا وحده مبهمة تتجدد في كل حين بتجدد الصور والقوى وثانيهما ان وجودها في كل وقت وإن كان متناهي القوة الا انه يفيض من