يصح أن تكون عاقلة لتلك الماهيات لان التعقل عبارة عن حصول صور الماهيات للذات المجردة فإذا صح كونها عاقلة لها صح كونها عاقلة لذاتها لان كل من عقل شيئا فيتضمن عقله لذلك الشئ عقله لذاته العاقلة فثبت ان كل مجرد يصح ان يكون عاقلا لذاته ولغيره وكل ما يمكن ويصح في عالم الابداع بالامكان العام فهو حاصل بالفعل على سبيل الوجوب إذ لا يمكن هناك تجدد الحال و الانتقال من قوه إلى فعل لعدم المادة وحركه هناك فليس في المفارقات كمال منتظر و بهذه الطريقة يثبت علم واجب الوجود بذاته وبالأشياء لأنك قد عرفت ان واجب الوجود بالذات واجب الوجود من كل الجهات وكل ما يمكن له بالامكان العامي فهو واجب الوجود له بالذات.
واعلم أن الحكماء بالطريقة الثانية يثبتون أولا كون الواجب تعالى عاقلا لذاته ثم يثبتون علمه بسائر الأشياء لان ذاته علة لما سواه والعلم بالعلة يوجب العلم بالمعلول فيجب ان يكون عاقلا لما سواه وبهذه الطريقة يثبتون أولا كونه عاقلا للأشياء ثم يقولون عاقليته للأشياء مستلزمه لكونه عاقلا لذاته فهاتان الطريقتان متعاكستان في الجهة.
وأقول هذا المسلك الأخير لا يخلو عن صعوبة واشكال على مقتضى القوانين