فصل في أن النفس مع بساطتها كيف تقوى على هذه التعقلات الكثيرة لما ثبت فيما قبل ان البسيط لا يصدر عنه من جهة ذاته بلا واسطه الا الواحد (1) ويرد هاهنا اشكال في صدور التعقلات الكثيرة من قوه واحده فحل هذا الاشكال هو ان المعلول إذا تكثر فهو انما يتكثر بأحد من أسباب التكثر اما تكثر العلة واما لاختلاف القابل واما لاختلاف الآلات واما لترتب المعلولات في أنفسها والنفس الناطقة جوهر بسيط ولو كان مركبا فلا تبلغ كثرتها إلى أن يساوى كثره أفاعيلها الغير المتناهية ولا يمكن أيضا ان يكون بسبب كثره القابل لان القابل لتلك التعقلات هو ذات النفس وجوهرها ولا يمكن ذلك لترتب الأفاعيل في أنفسها فان تصور السواد ليس بواسطة تصور البياض وبالعكس وكذلك في كثير من التصورات وكثير من التصديقات التي ليس بعضها مقوما للاخر أو كاسبا له فبقي ان يكون ذلك بسبب اختلاف الآلات فان الحواس المختلفة الآلات كالجواسيس المختلفة الاخبار عن النواحي يعد النفس للاطلاع بتلك الصور العقلية المجردة والاحساسات الجزئية انما تتكثر بسبب اختلاف حركات البدن لجلب المنافع والخيرات ودفع الشرور والمضار فبذلك ينتفع النفس بالحس ثم يعدها ذلك لحصول تلك التصورات الأولية والتصديقات الأولية ثم يمتزج بعضها ببعض
(٣٨١)