فصل في ربط الحادث بالقديم (1) قد تحيرت افهام العقلاء من المتكلمين والحكماء واضطربت أذهانهم في ارتباط الحادث بالقديم والذي هو أسد الأقوال الواردة منهم وأقرب من الصواب هو قول من قال إن الحوادث بأسرها مستنده إلى حركه دائمه دورية ولا يفتقر هذه حركه إلى علة حادثه لكونها ليس لها بدو زماني فهي دائمه باعتبار وبه استندت إلى علة قديمه وحادثه باعتبار وبه كانت مستند الحوادث فان سئلنا عن كيفية استغناء اعتبارها الحادث من حدوث علة مع انا حكمنا حكما كليا ان كل حادث فله علة حادثه قلنا المراد بالحادث الذي هو موضوع هذه القضية هو الماهية التي عرض لها الحدوث من حيث هي معروضه له وحركه ليست كذلك بل هي حادثه لذاتها بمعنى ان ماهيتها الحدوث والتجدد فإن كان ذلك الحدوث والتجدد ذاتيا لم يكن (2) مفتقرا إلى أن يكون علته حادثه ونحن إذا رجعنا إلى عقولنا لم نجدها جازمة بوجوب حدوث العلة الا للمعلول الذي يتجدد اما المعلول الذي هو نفس ماهية التجدد و التغير فلا نجدها نحكم عليه بذلك الا إذا عرض له تجدد وتغير زائدان عليه كالحركة الحادثة بعد أن لم يكن بخلاف المتصلة الدائمة وحدوث العلة التي يفتقر إليه المعلول الحادث لا يلزم ان يكون حدوثا زائدا والا لم يصح (3) استناد الحوادث إلى حركه الدائمة فالحاصل ان كل واحد من التغيرات ينتهى إلى شئ ماهيته نفس التغير والانقضاء فلدوام الحدوث والتجدد لم يكن علتها حادثه ولكونها نفس التغير
(١٢٨)