المادية كما زعمه صاحب التلويحات لما مر من أن الإضافة الوضعية إلى الأجسام ليست ادراكا لها والإضافة العلمية لا يمكن ان يتصور بالقياس إلى ذوات الأوضاع المادية بل الاحساس انما يحصل بان يفيض من الواهب صوره نورية ادراكية يحصل بها الادراك والشعور فهي الحاسة بالفعل والمحسوسة بالفعل واما قبل ذلك فلا حاس ولا محسوس الا بالقوة واما وجود صوره في مادة مخصوصة فهي من المعدات لفيضان تلك الصورة التي هي المحسوسة والحاسة بالفعل والكلام في كون هذه الصورة حسا وحاسا ومحسوسا بعينه كالكلام في كون الصورة العقلية عقلا وعاقلا ومعقولا قال المعلم الأول في كتاب اثولوجيا ينبغي ان يعلم أن البصر انما ينال الأشياء الخارجة منه ولا ينالها حتى يكون بحيث ما يكون هو هو فيحس حينئذ و يعرفها معرفه صحيحه على نحو قوته كذلك المرء العقلي إذا ألقى بصره على الأشياء العقلية لم ينلها حتى يكون هو وهي شيئا واحدا الا ان البصر يقع على خارج الأشياء والعقل على باطن الأشياء فلذلك يكون توحده معها بوجوه فيكون مع بعضها أشد وأقوى من توحد الحس بالمحسوسات والبصر كلما أطال النظر إلى الشئ المحسوس اضربه حتى يصيره خارجا من الحس لا يحس شيئا فاما البصر العقلي فيكون على خلاف ذلك انتهى كلامه فبما ذكرناه اندفع اشكالات كثيره ومفاسد شنيعة ترد على القول بارتسام صور المعقولات المتباينة الماهيات في العقل وكذا ما يرد على القول بانطباع صور الممكنات في ذات الباري جل اسمه كما هو المشهور من اتباع المشائين فان التعقل لو كان بارتسام الصورة العقلية في ذات العاقل يلزم في علم النفس بالجوهر وبالكم وغيرهما كون شئ واحد مندرجا تحت مقولتين بالذات وفي علم الباري كونه محلا للممكنات ويلزم أمور شنيعة أخرى مذكورة في مواضعها ثم إنهم زعموا ان الجوهر المنفعل العقلي من الانسان الذي كان عقلا ومعقولا بالقوة مما يصادف الصور العقلية ويدركها ادراكا عقليا فنقول تلك القوة الانفعالية بماذا أدركت الصورة العقلية أتدركها بذاتها المعراة عن الصور العقليات فليت شعري كيف يدرك ذات عارية جاهله غير مستنيرة بنور عقلي صوره عقلية
(٣١٧)