فصل في كيفية ربط المتغير بالثابت (1) لقائل ان يقول إذا كان وجود كل متجدد مسبوقا بوجود متجدد آخر يكون علة تجدده فالكلام عائد في تجدد علته وهكذا في تجدد علة علته فيؤدى ذلك اما إلى التسلسل أو الدور أو إلى التغير في ذات المبدء الأول تعالى عن ذلك علوا كبيرا لكنا نقول إن تجدد الشئ ان لم يكن صفة ذاتية له ففي تجدده يحتاج إلى مجدد وإن كان صفة ذاتية له ففي تجدده لا يحتاج إلى جاعل يجعله متجددا بل إلى جاعل يجعل نفسه جعلا بسيطا لا مركبا يتخلل بين مجعول ومجعول إليه ولا شك في وجود امر حقيقته مستلزمه للتجدد والسيلان وهو عندنا الطبيعة وعند القوم حركه والزمان ولكل شئ ثبات ما وفعلية ما وانما الفائض من الجاعل نحو ثباته وفعليته فإذا كان ثبات شئ ثبات تجدده وفعليته فعليه قوته فلا محاله يكون الفائض من الأول عليه هذا النحو من الثبات والفعلية كما أن لكل شئ نحوا من الوحدة وهي مساوقة للوجود وعينه فإذا كانت وحدته عين كثره ما بالقوة أو بالفعل كانت الفائض عليه من الواحد الحق وحده الكثرة بأحد الوجهين والذي من الموجودات ثباته عين التجدد هي الطبيعة والذي فعليته عين القوة الهيولى والذي وحدته عين الكثرة بالفعل هو العدد والذي وحدته عين قوه الكثرة هو الجسم وما فيه فالطبيعة بما هي ثابته مرتبطة إلى المبدأ الثابت وبما هي متجددة يرتبط إليها تجدد المتجددات وحدوث الحادثات كما أن الهيولى من حيث لها فعليه ما صدرت عن المبدء الفعال بانضمام الصورة ابداعا ومن حيث إنها قوه وامكان يستصح بها الحدوث والانقضاء والدثور والفناء فهذان الجوهران بدثورهما وتجددهما الذاتيتين واسطتان للحدوث
(٦٨)