قوه عقلية هيولانية فإذا فسد البدن يفسد تلك القوة بفساده فلم يبق من الانسان شئ يعتد به مع أن الشرائع الإلهية ناصة على بقاء النفوس الانسانية سعيدة كانت أو شقيه كامله أو ناقصة عالمه أو جاهله فصل في أن تعقل النفس الانسانية للمعقولات ليس أمرا ذاتيا ولا من اللوازم لها هذا الكلام منقول من بعض القائلين بقدم النفوس الناطقة (1) وهو وان صدر من الحكماء الراسخين كأفلاطون ومن كان على منواله ينسج فيمكن حمله على رمز دقيق لا يمكن فهمه لأكثر الناس فان للنفس الانسانية أطوارا ونشأت بعضها سابقه على حدوثها وبعضها لاحقه عن حدوثها ولا شبهه في أن المعتبرين من الحكماء الذين هم بعد المعلم الأول أرسطاطاليس كتلامذته مثل ثامسطيوس وفرفوريوس و الإسكندر الافريدوسي وكأتباعه مثل الفارابي والشيخ ونظرائهم قائلون صريحا أو ضمنا أو استلزاما بان للنفس الناطقة الإنسية كينونه عقلية بعد استكمالها بالعلم والتجرد بان يصير عقلا مستفادا مشابها للعقل الفعال في كونه عقلا بسيطا (2) وكل عقل بسيط عندهم فإنما يعقل ذاته ولوازم ذاته ولا يعقل ما ليس ذاته ولا لازم ذاته وبرهان ذلك أن العالم العقلي لا يمكن فيه سنوح امر أو تجدد حاله فكل صفة هناك لازمة أو ذاتية فقد ثبت وجه صحه قولهم ان تعقل النفس للأشياء صفة
(٤٨٧)