أشد من العلم بحقيقة كل عرض وهو أولى وأقدم من العلم بحقيقة العرض القائم بذلك الجوهر لكونه علة لها لا بحقائق سائر الاعراض واما اطلاق العلم على الفعل والانفعال والإضافة كالتعليم والتعلم والعالمية فعلى سبيل الاشتراك أو التجوز فصل في الإشارة إلى اثبات القوة القدسية اعلم أن مبدء العلوم كلها من عالم القدس لكن الاستعدادات للنفوس متفاوتة وعند تمام الاستعداد لا فرق في الإفاضة بين الأوليات والثواني فحال الانسان في ادراك الأوليات كحاله بعد التفطن للحدود الوسطى في ادراك النظريات في أنها كأنها تحصل بلا سبب ووجود الشئ بلا سبب محال لكن السبب قد يكون ظاهرا مكشوفا وقد يكون باطنا مستورا والملقى للعلوم على النفوس المستعدة هو بالحقيقة سبب مستور عن الحواس معلم شديد القوى بالأفق الاعلى وفعله في النفوس في غاية الخفاء ولكن قد يبرز من الباطن إلى الظاهر وقد يبرز من مكمن الغيب إلى عالم الشهادة والأول كما للأنبياء والثاني كما للأولياء عليهم السلام أجمعين واما هذه الأسباب الظاهرة كالبحث والتكرار والسماع من معلم بشرى فهي معدات ليست بموجبات ولذلك قد يختلف وقد يتخلف وبيان ذلك أن كل انتقال من الأوليات إلى النظريات اما ان يكون بتعليم معلم بشرى أو لا يكون فإن كان بتعليم معلم كذلك فلا بد وان ينتهى بالآخرة إلى ما لا يكون ذلك من هذا السبيل بل يناله من ذاته والا لتسلسل التعليم والتعلم (1)
(٣٨٤)