إلى تحقيق بالغ وتصرف شديد في كثير من الأصول الحكمية وعدول عن طريقه الجمهور كما هو شان السالك للسبيل الإلهي في مخالفته للساكنين في مواقفهم و مساكنهم الأولى والعلم عند الله فصل في الأوليات ونسبتها إلى الثواني والذب عن أول الأوائل اعلم أنه لا يجوز تحصيل الأوليات بالاكتساب من حد أو برهان اما في باب التصورات فكمفهوم الوجود العام والشيئية والحصول وأمثالها فلا يمكن حصولها بالتعريف الحدي أو الرسمي إذ لا جزء لها ولا شئ اعرف منها واما في باب التصديقات فكقولنا النفي والاثبات لا يجتمعان في شئ ولا يخلو عنهما شئ فلا يمكن اقامه البرهان عليها والا لزم الدور لان الذي يجعل دليلا على شئ آخر فهو الذي يدل بانتفائه أو ثبوته على انتفاء شئ آخر أو ثبوته وإذا جاز خلو الشئ عن الثبوت والانتفاء لم يحصل الامن في ذلك الدليل ان يخلو عن الطرفين وإذا جاز خلوه عن النفي والاثبات لا يبقى له دلالة على ذلك المدلول فاذن ما دل على ثبوت هذه القضية لا يدل عليها الا بعد ثبوت هذه القضية وما كان كذلك لا يمكن اثباته الا بالمنهج الدوري وهو ممتنع وبعبارة أخرى كل دليل يدل على أنهما لا يجتمعان في شئ فلا بد ان يعرف منه أولا ان كونه دليلا على هذا المطلب ولا كونه دليلا عليه لا يجتمعان فيه إذ لو جاز ذلك واحتمل لم يكن اقامه الدلالة على استحالة ذلك الاجتماع مانعا من استحالة ذلك الاجتماع ومع هذا الاحتمال أي كون الدليل كما دل على امتناع اجتماعهما كذلك لم يدل على ذلك الامتناع لم يكن الدليل دليلا ولم يحصل المطلوب وإذا كانت دلالة الدليل على هذه القضية موقوفة على ثبوتها فلو بينا ثبوتها بقضية أخرى لزم ثبوت الشئ بنفسه فثبت ان اقامه الدليل على ثبوت هذه القضية غير ممكن واما سائر القضايا و
(٤٤٣)