واعلم أن الجاهلية قبل الإسلام كان يتوارث بالحلف والنصرة، وأقاموا على ذلك في صدر الإسلام مدة يبين ذلك قوله تعالى: والذين عقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم (1) ثم نسخ بعد ذلك بما تضمنته سورة الأنفال من قوله تعالى: وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض (2).
وكانوا يتوارثون بالإسلام والهجرة، وكان (صلى الله عليه وآله) لما قدم المدينة آخا بين المهاجرين والأنصار، وكان المهاجر يرث من الأنصاري، والأنصاري من المهاجر، ولا يرث وارثه الذي كان له بمكة، وإن كان مسلما يبين ذلك قوله تعالى: إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك بعضهم أولياء بعض والذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شئ حتى يهاجروا الآية (3).
ونسخت هذه الآية بالقرابة، والرحم، والنسب، والأسباب، يبين ذلك قوله تعالى، وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله من المؤمنين والمهاجرين إلا أن تفعلوا إلى أوليائكم معروفا (4) فبين أن أولي الأرحام أولى من المهاجرين، إلا أن تكون وصية.
وأحكام المواريث تبين بذكر وجوه منها: الأسباب الذي يستحق الإرث بها، ومنها: الوجوه المانعة من الإرث، ومنها: سهام الفرائض المسماة، ومن يستحقها، ومنها: مراتب الوراث، ومنها: كيفية التوريث، ومنها: بيان استخراج سهام الوراث بالقسمة، ونحن نورد ذلك بابا بابا بمشيئة الله تعالى. " باب الأسباب التي يستحق الإرث بها ".
الميراث يستحق بأمرين أحدهما: نسب، والآخر: سبب، والنسب ضربان: