" باب الشقاق والحكمين " إذا ظهر بين الزوجين الشقاق، وكان النشوز منها فقد تقدم ما فيه، وإن كان من الزوج فلا يخلو من أن يكون منه النشوز أو دلائله فإن كان النشوز منه: وهو أن يمنعها حقها من كسوة ونفقة ونحو ذلك، فإن الحاكم يلزمه أن يضم الزوجين إلى جانب عدل يتفقد أحوالهما ويكشف أمورهما، وإن ظهرت إمارات النشوز: وهو إن كان يستدعيها إلى فراشه ثم امتنع وكان مقبلا عليها ثم أعرض عنها وظهر منه دليل الزهد فيها، فلا بأس أن تطيب المرأة نفسه بأن تترك بعض حقها من كسوة ونفقة ونحو ذلك، وأن يترك القسم، لقوله تعالى: فلا جناح عليهما إن تصالحا بينهما صلحا والصلح خير (1).
فإن أشكل الأمر فادعى كل واحد منهما النشوز ولم يعلم الناشز منهما أسكنهما الحاكم إلى جانب ثقة يشرف عليهما ويعلم الناشز منهما لأن الحاكم لا يمكنه أن يتولى ذلك بنفسه، فإن أخبره بنشوز واحد منهما حكم بينهما فيه بالواجب، وإن علم النشوز من كل واحد منهما على صاحبه وانتهى الأمر بينهما إلى المضاربة والمشاتمة وتخريق الثياب وإلى ما لا يجوز من قول أو فعل ولم يفعل الزوج الصفح ولا الفرقة فهذا هو الموضع الذي تناوله، قوله تعالى: وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها. (2) فإذا كان كذلك: بعث الحاكم حكمين ليحكما على ما يؤدي إليه اجتهادهما، ولم يلتفت إلى رضا الزوجين بذلك، وقال لهما إن رأيتما الإصلاح فأصلحا، وإن رأيتما الفراق فبطلاق أو خلع فافعلا.
فإن كانت المصلحة في الصلح فلا بد من اجتماع الحكمين عليه لأن الصلح من جهة كل واحد منهما.