" باب ذكر من لا يقام عليه الحد " قد سلف قولنا: بأن الحامل والنفساء والمستحاضة، لا يقام عليهن حد وهن (1) كذلك. وذكرنا أيضا أنه لا يقام الحد على من وجب عليه في الحر الشديد، ولا في البرد الشديد، وكيف يقام عليهن. وكذلك ما يتعلق بالمريض. فلا وجه لإعادته.
فإن دخل إنسان حماما فسرق ثيابه، فإن كان دفعها إلى الحمامي وأمره بحفظها، كان الحمامي مودعا، فإن راعاها مراعاة جيدة بأن لم يترك النظر إليها احتياطا في حفظها، فسرقت بحيث لا يعلم، لم يكن عليه شئ، وكان على السارق ضمانها والقطع فإن توانى الحمامي في مراعاتها، أو نام في حفظها، أو اشتغل بالحديث أو غيره، أو أعرض عنها، أو وضع الثياب خلفه فسرقت، كان على الحمامي ضمانها لأنه مفرط في حفظها، وكان على السارق غرمها ولم يكن عليه قطع، لأنه لم يسرقها من حرز.
فإن دخل الحمام وجعل ثيابه على حصير أو علقها على وتد بحسب ما جرت العادة به، ولم يدفعها إلى الحمامي ولا استحفظه إياها، فليس الحمامي مودعا لذلك وهذه الثياب في غير حرز فإن سرقت، لم يجب على سارقها قطع لأنه سرقها من غير حرز كما قدمناه، ولأن المكان مأذون في الدخول إليه واستطراقه، فما جعل فيه كان في غير حرز.
وإذا شرب الذمي الخمر من غير أن يتظاهر بذلك بين المسلمين، فقد ذكرنا أنه لا حد عليه. وإذا كان الذمي مجوسيا فنكح أمه غير متظاهر بذلك، لم يكن عليه حد، لأنه بذل الجزية على مقامه على دينه واعتقاده، فإذا كان هذا النكاح مما يقتضيه دينه، لم يجز الاعتراض عليه فيه.
وإذا سرق من نماء الوقف وهو من أهله، لم يقطع، لأن له فيه حقا، كما لو سرق من بيت المال.