فيه مشقة على الناس لشدة حاجتهم إلى الشهادة بالحقوق في كل وقت، من نكاح وغصب ومعاملة وقتل وغير ذلك. وإذا لم يقبل إلا قوما دون قوم شق ذلك على الناس، ولأن فيه ضررا عليهم. فإن الشاهد إذا علم أنه لا يقبل قول غيره ربما تقاعد حتى يأخذ الرشوة عليها. ولأن فيه إبطال الحقوق، فإن كل من له حق، لا يقدر على إقامة البينة به من كان مقبول الشهادة راتبا لها دون غيره، فإذا كان كذلك لم يجز له ترتيبهم. فإن رتب قوما قد عرف عدالتهم وسكن إليهم في استماع أقوالهم وتقبل شهاداتهم، فإذا شهد عنده بالحق غيرهم، بحث عن أحوالهم، فإذا زكوا حكم أن (1) شهادتهم، لم يكن بذلك بأس وينبغي أن يكون له كاتب يكتب بين يديه، يكتب عنده الاقرار والإنكار وغير ذلك، وصفة ذلك الكاتب أن يكون عدلا، فقيها، عاقلا، نزها عن الطمع. وإنما اعتبرت العدالة لأنها موضع أمانة. واعتبر العقل لئلا يخدع. وكونه فقيها، ليعرف الألفاظ التي تتعلق الأحكام بها - ولا بغيرها - لأن غير الفقيه لا يفرق بين واجب وجائز، وليكون أخف على القاضي، لأنه يفوض إليه ذلك، ولا يحتاج إلى مراعاته فيما يكتبه ويكون نزها بريا من الطمع، لئلا يرتشي فيغير. ويجوز أن يتخذ لذلك عبدا لأنه قد يجوز أن يكون عدلا، ولا يتخذ كافرا بغير خلاف.
وفي آخر نسخة المكتبة الرضوية تم كتاب المهذب في الفقه للقاضي أبي القاسم بن البراج نور الله ضريحه وفرغ من تحريره العبد الضعيف الفقير المحتاج إلى رحمة الله تعالى أبو طالب علي بن محمد بن علي يوم الثلثا الرابع عشر من صفر سنة إحدى وخمسين وست مأة هجرية حامدا لله مصليا علي نبيه محمد وعترته الأطهرين وقد كتب هذا الكتاب مصنفه في سنة سبع وستين وأربع مأة