فإن تراضوا على أن يسكره الأعلى على الأسفل حتى يشرب كان ذلك جائزا (1) ويجوز أن يصطلحوا على شرب كل واحد منهم في يومه فإن اختلفوا لم يجز لأحد منهم أن يسكره على آخر وإذا أراد واحد منهم أن يكري نهرا لم يكن ذلك له إلا برضاء أصحابه وكذلك لو أراد واحد منهم أن ينصب عليه رحى لم يجز له ذلك أيضا إلا برضا الباقين اللهم إلا أن يكون النهر أو الماء لا يستضر بالرحى فإنه يجوز ذلك.
وإذا احتاج هذا النهر إلى كري وتنقية ونظافة وإصلاح كانت تنقيته على الجميع من أعلاه إلى مفتتح الماء إلى أقرب الأراضي إلى الفوهة (2) فإذا جاوز ذلك رفعت النفقة عن صاحب تلك الأرض وكانت النفقة على من بعده حتى ينتهي إلى من يليه فترفع عند حصته من النفقة مع الشركاء من أهل الأسافل وهكذا أبدا كلما انتهى العمل إلى حق أحدهم كانت النفقة على من بعده دونه.
والأنهار الكبار مثل دجلة والفرات والنيل وسيحان وجيحون وما أشبه ذلك فجميع المسلمين فيها شرع واحد وكل واحد منهم له شرب أرضه وزرعه ونخله وشجره وسائر منافعه لا يحبس الماء عن أحد دون أحد ولا لإنسان أن يمنع منه غيره.
وإذا أراد إنسان أن يكري منه نهرا في أرضه أو في أرض موات قد أذن له في إحيائها ولا ضرر على غيره فيها، كان له ذلك إلا أن يكون ما يحدثه مما ذكرناه فيه ضرر على النهر الأعظم فإن الإمام يمنعه من ذلك وكذلك الحكم لو أراد أن يعمل مصنعة لشرب السابلة أو الحيوان ويجري الماء إليها من النهر الأعظم في أرض يملكها أو موات قد أذن له فيها سواء.