فمقتضى القاعدة في باب التزاحم هو قراءة السورة وانتقال التكليف بالوقت إلى بدله، كما أن قاعدة باب التزاحم تقتضي فيما لو دار الأمر بين الطهارة المائية وبين إدراك الوقت التخيير أو تقديم الطهارة المائية لأهميتها، وذلك لأن كلا من الطهارة المائية والوقت مما له البدل، فالقاعدة تقتضي التخيير لو لم يكن في البين أهم ومهم، هذا.
ولكن لا يخفى عليك ضعفه وذلك لأنه لو وصلت النوبة إلى الترجيح بالبدلية واللابدلية، كان الأمر كما ذكر، إلا أن في المقام أمرا آخرا رتبته فوق رتبة البدلية، وهو أنه من المقرر في باب التزاحم أيضا أنه لو كان أحد المتزاحمين مشروطا بالقدرة الشرعية ولم يكن الآخر مشروطا بها قدم ما لا يكون مشروطا بها على ما يكون مشروطا بها، لأن غير المشروط يوجب سلب القدرة عن المشروط وقابل للتعجيز المولوي، والمانع الشرعي كالمانع العقلي وهذا بخلاف المشروط، فإنه غير صالح لسلب القدرة عن غير المشروط، إلا على وجه دائر كما حققناه في محله، والمقام يكون من هذا القبيل، أما الطهارة المائية فتقيدها بالقدرة الشرعية واضح لقوله [تعالى] " فلم تجدوا ماء فتيمموا " (1) حيث أخذ عدم الوجدان قيدا في الدليل لوجوب التيمم فيعلم من ذلك أن الوضوء مقيد بالوجدان لأن التفصيل قاطع للشركة، وهذا بخلاف الوقت إذا لم يكن اعتباره مشروطا بالقدرة الشرعية، بل اعتباره مطلق غير مقيد إلا بما يعتبره العقل في سائر التكاليف من التمكن العقلي، لقبح التكليف بما لا يطاق، ومجرد جعل البدل للوقت وكون إدراك الركعة في الوقت يقوم مقام إدراك جميع الوقت لا يوجب (2) اشتراط الوقت