زائدا عما يتسامح فيه يصدق عليه الالتفات الفاحش، بل أفاد شيخنا الأستاذ - مد ظله - أن المراد من الالتفات في الأخبار الدالة على قاطعيته بلا تقييده بالفاحش ليس مطلق الالتفات، بل الالتفات على وجه يخرج عما يتسامح فيه في باب القبلة، لأن الالتفات بمقدار يتسامح فيه ليس بقاطع قطعا، فلا بد من أن يكون المراد، من قاطعية الالتفات هو الالتفات الزائد عن ذلك المقدار، ولا يلزم من ذلك أن يكون تقييد الالتفات بالفاحش لغوا، حيث كان المراد من الالتفات الالتفات الخارج عن المقدار المتسامح فيه، والمراد من الفاحش أيضا صار ذلك حسب ما تقدم، فيلزم لغوية التقييد بالفاحش، وذلك لأن تقييد الالتفات بكونه خارجا عما يتسامح فيه تقييدا عقليا، لمكان أن الصلاة إلى ما يتسامح فيه من مقدار أربع أصابع لا يوجب البطلان، فعدم قاطعية الالتفات بطريق أولى، وليس التقييد بذلك مأخوذا في مدلول لفظ الالتفات، بل مدلول لفظ الالتفات مطلق يعم جميع الصور حتى صورة الالتفات إلى ما يتسامح فيه، فتقييده بالفاحش حينئذ لا يكون لغوا لأنه تقييد لمدلول اللفظ، والمفروض أن مدلول لفظ الالتفات أعم. فتأمل.
وعلى أي حال لا إشكال في صدق الفاحش على الالتفات بكل البدن عن المقدار الذي يتسامح فيه، ويلزم القول حينئذ بقاطعية الالتفات بكل البدن مطلقا عمدا وسهوا إلى الخلف وما دونه. هذا حسب ما يقتضيه مطلقات أدلة الباب.
ولكن قد تقدم منا في مسألة القبلة ما يدل على صحة الصلاة إلى ما بين اليمين واليسار إذا كان ذلك عن عذر من اجتهاد أو نسيان، وليس عليه الإعادة في الوقت فضلا عن القضاء في خارجه، ولازم ذلك هو أن الالتفات إلى ما بين اليمين واليسار غير موجب للبطلان، إذا كان عن نسيان، بداهة أن وقوع جميع الصلاة إلى ما بين اليمين واليسار إذا كان غير موجب للبطلان فوقوع الالتفات في الأثناء