وأما وجه الأولى: فحاصله أنه وإن كان المقام من باب التزاحم. إلا أن رفع اليد عما بيده والرجوع إلى الأول يكون بلا ملزم شرعي لأن في هذا الحال قد توجه عليه الأمر بإتمام الثانية وحفظ موالاتها، ودعوى أن الأمر بإتمام الأولى كان سابقا في الزمان كما هو مبني الوجه الثاني، فهو مما لا أثر له، بعد ما اجتمع الأمر بإتمام الثانية أيضا، فغاية ما يمكن أن يقال هو التخيير ولكن رفع اليد عما بيده من دون ملزم شرعي مما لا يجوز لأن التخيير لا يمكن أن يكون ملزما شرعيا، فإذا لم يكن له ملزم شرعي ولم يصلح الأمر بإتمام الأولى لأن يكون تعجيزا مولويا عن إتمام الثانية فيلزم إتمام الثانية، لأن قدرته مصروفة لتحصيل الموالاة في أجزاء الثانية، فالاعراض عنها ورفع اليد عن صرف القدرة إليها بصرفها في تحصيل ما يمكن من الموالاة الأولى يكون نظير عدم صرف القدرة في القيام في الركعة الأولى، وصرفها في الركعة الثانية، الذي قلنا في محله: إن ذلك لا يجوز لأنه متمكن من القيام في الركعة الأولى. فلا يسوغ له الجلوس إلا أنه كان هناك ملزم شرعي، والمفروض أنه لم يكن لأن الأمر بالقيام في الركعة الثانية ليس في مرتبة الأمر بالقيام في الركعة الأولى فإذا لم يكن في مرتبته كان المتعين عليه صرف قدرته في القيام في الركعة الأولى، وما نحن فيه من هذا القبيل إذ رفع اليد عما بيده، وصرف قدرته على تحصيل القدر الباقي من موالاة الأولى بلا تعجيز مولوي مما لا يجوز. ومجرد الأمر به لا يوجب التعجيز إذا لم يتعين لأهمية. أو غيرها.
والمفروض أنه لا تعيين له، فلا يصلح للتعجيز فإذا يتعين عليه إتمام الثانية التي قدرته مصروفة إليها فعلا.
وحاصل الكلام: أن التخيير في أمثال المقام ما لا يمكن، لأن التخيير فرع التكافؤ المفقود في المقام، لمكان اشتغاله بالثانية التي لا يجوز تفويت موالاتها بلا ملزم شرعي، هذا حاصل ما أفاده شيخنا الأستاذ - مد ظله - في المقام، وبنى على