فواضح، وأما سهوا فلعدم شمول مثل حديث " لا تعاد الصلاة إلا من خمس " (1) لأن شمولها فرع انحفاظ الصلاة حتى يصح أن يقال تعاد أو لا تعاد، والمفروض أن الفعل الكثير على ذلك الوجه موجب لعدم صدق الصلاة وخروج المصلي عن كونه مصليا، فهو من القواطع العمدية والسهوية كالحدث. ثم إن سنخ الأفعال تختلف، فمنها ما لا يحتاج في صدق الكثرة الماحية للصورة إلى تكرره، بل يكفي أول وجوده كالوثبة الفاحشة والجلوس على المائدة للأكل والشرب ومنها ما يحتاج إلى التكرر كحركة اليد، فإن نفس حركة اليد لا يكون من الفعل الكثير إلا بالتكرر على وجه يصدق ذلك، بل رب فعل لا يكون من الكثير على ذلك الوجه حتى مع التكرر كحركة الأصابع فإنها لا توجب محو الصورة، وإن وقعت من أول الصلاة إلى آخرها. وبالجملة لا إشكال في اختلاف الأفعال من حيث السنخ فكلما علم أنه من الكثير الماحي للصورة بأول وجوده أو بتكرره أو علم أنه لم يكن من الكثير فهو. وأما إذا شك في كونه من أي القسمين. فهو مبني على جريان الاستصحاب عند الشك في القاطع هذا كله في الفعل.
وأما السكوت: فتارة يطول على وجه يمحو الصورة، فهو كالفعل الكثير في كونه قاطعا عمدا وسهوا، وأخرى لا يطول على ذلك الوجه وإنما يوجب فوات الموالاة العرفية والمتابعة المعتبرة بين الأجزاء، الذي تقدم سابقا أنها من الشرائط فهذا إن وقع عمدا فهو موجب للبطلان، وإن وقع سهوا أو ما يلحق بالسهو من القهر والاكراه فغير موجب للبطلان، لأن حديث " لا تعاد " يرفع شرطية الموالاة في هذا الحال كما هو الشأن في سائر الشرائط والأجزاء، غير الأركان، وأخرى يكون السكوت غير موجب لا لهذا ولا لذلك فهو غير مبطل مطلقا.