حصول مقدار من امتثال الأمر حسب تعلقه بذلك الجزء، ويخرج ذلك الجزء عن تحت دائرة الطلب كخروجه عن الإرادة في التكوينيات، بداهة أنه من أراد بناء الدار مثلا فعند فعل كل جزء من أجزاء الدار يخرج ذلك الجزء عن الإرادة.
وحيث أشكل هذا المعنى على بعض الأعلام من حيث ارتباطية العمل فلا معنى للامتثال التدريجي التزم بأن الأمر وإن لم يسقط بعد، إلا أن اقتضاءه للداعوية والمحركية والباعثية يسقط بالنسبة إلى الأجزاء المأتي بها، وهذا أيضا وإن لا يخلو عن إشكال فإن سقوط اقتضاء الأمر لا يكون إلا بالامتثال، إلا أنه لا محيص عن الالتزام بأحد المسلكين، لما عرفت من أنه لا يعقل بقاء الأمر على ما كان عند فعل بعض أجزاء المركب.
إذا عرفت ذلك فنقول: إنه بعد ما كان الاعراض غير موجب للبطلان وبعد سقوط الأمر عما كان عليه بعد قراءة بعض السورة، فلا معنى حينئذ لبقاء الأمر التخييري واستدامته إلى الفراغ، بل لا محيص عن القول بعدم بقاء الأمر التخييري، فيتعين حينئذ إتمام السورة. وليس له العدول لاستلزامه الزيادة بعدما لم يبطل الاعراض ما قرأه من السورة.
ودعوى - أن الأمر في التدريجيات وإن لم يبق على ما هو عليه عند فعل بعض الأجزاء إلا أن الملاك لم يحصل إلا بالفراغ عن العمل بتمام أجزائه وعليه يكون الملاك الذي اقتضى وجوب السورة على حاله وبعد بقاء الملاك لا موجب لتعين تلك السورة عليه، فله العدول إلى سورة أخرى لأن الملاك يحصل بأحد الأمرين إما بإتمام ما بدأ به وإما باستئناف سورة أخرى، فتعيين الاتمام بلا موجب - ضعيفة. فإن الملاك أيضا لا يمكن بقاؤه على ما كان وإلا لاقتضى بقاء الأمر على ما كان، لتبعية الأمر للملاك، فلا بد من القول بسقوط الملاك أيضا بمقدار دخل الأجزاء المأتي بها فيه، فتأمل في المقام، فإن ارتباطية العمل ربما ينافي ما ذكرناه.