دليل واضح على وجوب الاخفات فيها سوى دعوى اتحاد حكمها مع الفاتحة كما يدل عليه بدليتها عنها. ولكن لم يثبت البدلية من جميع الجهات حتى في الجهر والاخفات، وإن ادعي الاجماع على البدلية من جميع الجهات ولكن لم يعلم تحقق الاجماع على ذلك أيضا، فالمسألة خالية عن الدليل.
وربما استدل لها بما في صحيح علي بن يقطين سأل أبا الحسن عليه السلام عن الركعتين اللتين يصمت فيهما الإمام أيقرأ فيهما بالحمد وهو إمام يقتدى به؟ فقال عليه السلام: إن قرأ فلا بأس وإن صمت فلا بأس (1). هذا.
ولكن ينبغي عد هذه الرواية من المحملات لأن حمل الصمت على الاخفات خلاف الظاهر، بل الظاهر منه هو السكوت وهو يناسب مذهب بعض العامة من القول بعدم وجوب قراءة شئ في الركعتين الأخيرتين، فيحتمل ورودها مورد التقية فالمسألة حينئذ تخلو عن الدليل، ولذا اختار بعض الأعلام عدم وجوب الاخفات في التسبيحات وإن جعله أحوط، بل حكي عن المجلسي (2) دلالة بعض الأخبار على رجحان الجهر، ولم نعثر على ما يدل على ذلك.
نعم قيل إنه يحتمل أن يكون مراد المجلسي من بعض الأخبار ما في خبر رجاء ابن ضاحك من أنه صحب الرضا من المدينة إلى مرو فكان يسبح في الأخراوين بقول سبحان الله (3). وما في خبر أحمد بن علي من أنه صحب الرضا فكان يسمع ما يقوله في الأواخر من التسبيحات (4) وهاتان الروايتان بضميمة ما قيل من أنه يعتبر في الاخفات أنه لا يسمع غيره يدلان على أنه عليه السلام كان يجهر