وتوضيح الأمرين هو: أن الاعراض عن العمل في الأثناء تارة يكون مبطلا كما في باب الصوم، حيث [إن] الاعراض يوجب وقوع جزء من الامساك بلا نية ولو آنا ما وهو مبطل، لاعتبار استدامة النية في جميع آنات الامساك وأخرى لا يكون مبطلا، كما في باب الوضوء، إلا إذا تعقب الاعراض وقوع فعل من أفعال الوضوء بلا نية، وإلا فنفس الاعراض غير موجب للبطلان، فلو أعرض عن الوضوء في الأثناء فله العود وإتمام وضوئه، وأما في باب الصلاة فإن قلنا بأن للصلاة هيئة اتصالية المعبر عنها بالجزء الصوري. فالاعراض عنها في الأثناء يوجب فوات الاستدامة الحكمية المعتبرة في الأثناء، حيث إنه بناء على هذا يعتبر استدامة النية في جميع الكون الصلاتي ولو مع عدم الاشتغال بأفعالها، وإن لم نقل بالجزء الصوري في باب الصلاة فالاعراض عنها من دون أن يوجب وقوع فعل بلا نية غير موجب للبطلان كما في باب الوضوء، لكن هذا بالنسبة إلى الاعراض عن الصلاة، وأما الاعراض عن السورة الذي هو محل كلامنا فهو غير موجب للبطلان لا للصلاة ولا للسورة، أما الصلاة فلعدم الاعراض عنها، وأما السورة فلعدم الدليل على أن الاعراض موجب لبطلانها هذا بالنسبة إلى الأمر الأول وأما الأمر الثاني: فتوضيحه أنه لا إشكال في أن الغرض والملاك في الارتباطيات لا يحصل إلا بعد الفراغ عن العمل بتمام أجزائه المعتبرة فيه، إلا أن الشأن في تصوير حال الأمر، فإن العمل لو كان تدريجيا كالصلاة فبعد الاتيان ببعضه لا يعقل بقاء ذلك الأمر كما كان، إذ يلزمه استئناف العمل دائما، إذ الصلاة عبارة عن مجموع الأفعال التي أولها التكبير وآخرها التسليم، فلو كان الأمر بالصلاة باقيا بعد الاتيان بركعة أو أنقص كان اللازم هو استئناف الصلاة من رأس دائما. ومن هنا التزم بعض الأعلام أن امتثال الأمر في التدريجيات إنما يكون على وجه التدريج حسب تدرج العمل، بمعنى أن فعل كل جزء يوجب
(١٢١)