الاجماع على التخصيص لا يوجب نفي العموم رأسا هذا.
وقد استدل بعض مشايخنا وفاقا لبعض الأفاضل على عدم التعدي عن مورد النص إلى الغائب والصبي والمجنون ومن يحذو حذوهم بعد تسليم العلة المنصوصة وظهورها في العموم بما ورد في القضاء على الغائب مثل مرسل جميل بن دراج عن جماعة عن الصادق (عليه السلام) قال الغائب يقضى عليه إذا قامت عليه البينة ويباع ماله ويقضى منه دينه وهو غائب ويكون الغائب على حجته إذا قدم ولا يدفع المال إلى لذي أقام البينة إلا بكفلاء ونحوه قول الباقر (عليه السلام) في خبر محمد بن مسلم إلا أن فيه إذا لم يكن مليا وهذا النص وإن ورد في خصوص الغائب إلا أنه يتم الكلام في غيره بالاجماع المركب.
وقد ذكر شيخنا المتقدم ذكره بعد ايراد الروايتين ما هذا لفظه إذ لا ريب في ظهورهما ولو للاطلاق في عدم اعتبار اليمين معها ومعارضتهما بمنصوص العلة على فرض تسليم جريانه في المقام من وجه ولا ترجيح فيرجع إلى عموم ما دل على حجية البينة بدونها السالم حينئذ عن معارضة المنصوص العلة بعد معارضته بالخبرين المزبورين انتهى كلامه رحمه الله.
وأنت خبير بما في هذا الكلام من النظر وما في الدليل المذكور من عدم الدلالة أما أولا فللمنع من ظهوره في عدم الاحتياج إلى اليمين لأنه ليس في مقام البيان من هذه الجهة بل المقصود منه بيان كون - الغائب كالحاضر في سماع البينة عليه وبيع ماله وقضاء ديونه في مقام دفع توهم الفرق بينهما في سماع البينة و عدمه وليس في مقام بيان جميع ما يعتبر في القضاء على الغائب حتى يكون ظاهرا في نفي اليمين وثانيا سلمنا ظهوره فيما ذكر نظرا إلى كونه في مقام الحاجة وبيان جميع ما يعتبر في القضاء على الغائب سيما بملاحظة قوله (عليه السلام) إذا قامت عليه البينة الظاهر في السببية لكن نقول مع ذلك أن ظهور العلة المنصوصة في العموم أقوى من ظهوره في نفي اليمين لان ظهوره إما ظهور إطلاقي أو ما في حكمه ومعلوم انهما لا يعارضان ظهور العلة المنصوصة في العموم فيرجع المسألة بالآخرة إلى تعارض الأظهر والظاهر والترجيح للأول كما لا يخفى.
فإن قلت كيف تقول بأن ظهور العلة المنصوصة في العموم آكد وأقوى من ظهور الروايتين المذكورتين مع كونهما أخص منه مطلقا. وقد تقرر في محله انه إذا تعارض العام والخاص المطلق يقدم الخاص من حيث كونه أقوى من العام فيكون ارتكاب خلاف الظاهر فيه أهون.
قلت نسلم كون النسبة بينهما عموما مطلقا وليس كما ذكره شيخنا المتقدم ذكره من كون النسبة عموما من وجه إلا أن يوجه كلامه بأن مراده ليس العموم من وجه حقيقة بل هو ما في حكمه مسامحة في حصول الجمع بالتصرف في أحدهما من غير أن يكون أحدهما أظهر من الآخر كما يطلق كثيرا ما في باب - التراجيح على هذا المعنى كالعموم مطلقا فإنه قد يطلق على دليلين كان النسبة بينهما التباين بحسب الحقيقة لكن كان أحدهما أظهر من الآخر.
إلا انا نقول إنه قد تقرر في محله أيضا ان حكمهم بتقديم بعض أحوالات اللفظ على بعض إنما هو بالنظر إلى النوع من غير ملاحظة خصوص المقام فلا بد في أعماله في المقامات الخاصة ومراعاته في الموارد المخصوصة من عدم وجود ما يصادمه فيها من الظهورات الخاصة الغير المنصوصة (المضبوطة خ) فنقول حينئذ ان الخاص وإن كان بالنوع أظهر من العام إلا أن في خصوص ما إذا جاء ظهور الخاص من الاطلاق وعدم البيان يكون العام أظهر منه