فضلا عن أن يكون ضعيفا غير معمول به عند المعظم لان ما حكي عن الكفاية من نسبته العمل به إلى المشهور وربما يظهر من عبارة ثاني الشهيدين في المسالك المتقدمة لم يعلم له حقيقة.
ولأجل ما ذكرنا من عدم مقاومة الرواية للقواعد المسلمة من جهة ضعفها وعدم الجابر لها تمحل جماعة من الأصحاب لتطبيقها عن القواعد فعن بعض شروح الارشاد (1) ان فقه الحديث هو ان للمخرج بالغوص للغواص ان ملكه المالك وإلا فإن أذن له في الغوص فله الأجرة وإلا فلا أجرة له أيضا وعن بعض تطبيقها على القواعد من حيث حصول التلف بالغرق وزوال علاقة الملكية بينه وبين المالك فيصير كالمباحات فللغواص حيازته كساير المباحات إذ كما أنه قد يخرج الملك عن ملكية المالك من جهة خروجه عن قابلية التملك كما في الأجزاء الغير القابلة للتجزية وقد يخرج عن ملكه من جهة عدم قابلية المالك لقيام الملك به كما إذا مات وصار من الجمادات كذلك قد يخرج عن الملك من جهة ارتفاع العلاقة التي كانت بينه وبين المالك عرفا وكانت مقومة لصدق وجود ملكه عندهم فإذا ارتفعت تلك العلاقة ارتفعت الملكية وصدق التلف العرفي الذي هو المناط فيه لاستحالة التلف الحقيقي للملك بعد الوجود ولهذا رتب الأصحاب على تلف المبيع قبل القبض بالغرق ونحوه حكمه وليس إلا من جهة ما ذكرنا من ترتب الأحكام المترتبة على التلف شرعا على التلف العرفي المتفاوت وضوحا وخفاء بحسب المقامات.
وعن الحلي قدس سره في ير حمله على ما هو الغالب من حصول الاعراض والياس للمالك بعد الغرق و هما من أسباب الخروج عن الملكية بمقتضى القواعد قال في محكي السرائر في نوادر القضاء وجه فقه هذا الحديث ان ما أخرجه البحر فهو لأصحابه وما تركه أصحابه آيسين منه فهو لمن وجده وغاص عليه لأنه صار بمنزلة المباح ومثله من ترك بعيره من جهد في غير كلاء ولا ماء فهو لمن أخذه لأنه خلاه آيسا منه ورفع يده عنه فصار مباحا وليس هذا قياسا وإنما هذا على جهة المثال والمرجع فيه إلى الاجماع وتواتر النصوص دون القياس والاجتهاد انتهى كلامه وقال بعض مشايخنا بعد نقله ما عرفت من كلام الحلي رحمه الله ما هذا لفظه قلت لعل هذا هو العمدة في تملك المعرض عنه مضافا إلى السيرة في حطب المسافر ونحوه انتهى كلامه إلى غير ذلك من كلماتهم.
والحق تطرق النظر إلى جميع ما ذكروه من المحامل والوجوه إما الأول وهو ما ذكره بعض شراح الارشاد ففيه انه عين القول بطرح الرواية والرجوع إلى القواعد العامة.
وأما الثاني وهو القول بحصول التلف بالغرق ففيه المنع من ذلك ودعوى الوجدان فيه من العرف مكابرة ومناقضة للوجدان إذ لو سلم تلف المالية بالغرق فلا إشكال في بقاء الملكية والاختصاص ولو سلم ارتفاع الملكية أيضا فلا إشكال أيضا في بقاء ربط بينه وبين المالك كالبيض الفاسد والخمر المهروق في وجه الأرض إلى غير ذلك فالمالك أحق به ما دام يقبل الانتفاع به ولو لم يكن فعليا وهو يمنع من صيرورته كالمباح ودخوله في ملك الغواص بمجرد الغوص.
والسر فيما ذكرنا من عدم ارتفاع الملكية والعلقة المطلقة ولو لم يعبر عنها بالملكية بزوال المالية ان ارتباط الملك بالمالك إنما هو من حيث وجوه الانتفاع به فكلما كانت وجوه الانتفاع والتصرف كثيرة كانت العلقة بينهما شديدة ويسمى باعتبارها مالا وهكذا إلى أن ينتهي إلى مرتبة لا تصلح إلا للانتفاع به في بعض الوجوه