بفعل المخاطب وفعل غيره، وإنما ينزل الغير منزلة المخاطب بأدلة قبول الفعل للنيابة، فإن كان أدلته عامة كانت محكمة على جميع الأوامر ولو كانت من العبادات، لأن تقرب النائب من حيث إنه نائب تقرب المنوب عنه، كما حقق في استئجار العبادات، وإن كانت خاصة حكمت في موردها، وما لم يثبت فيه الدليل لم يحكم فيه بذلك التنزيل.
وكيف كان، فصدور الفعل من الفاعل المخاطب - كوقوعه على المفعول - من مقومات المأمور به، لا من الأمور الخارجة عنه المعتبر فيه، فكما أن ضرب عمرو ليس في شئ من المأمور به في قول الآمر: اضرب زيدا، كذلك ضرب ضارب آخر غير المخاطب.
ومن ذلك كله يظهر أنه لا مجال لأن يقال: إن ظاهر الأوامر لا يقتضي سوى كونه مأمورا بالمباشرة، وأما الشرطية فلا دليل فيها عليه، فتبقى عمومات الوكالة والنيابة محكمة يصح إثبات المشروعية بها، فيكون الأصل جواز الوكالة والنيابة في جميع العبادات.
وأضعف من هذا القول، تسليمه في التوصليات ومنعه في العبادات، مستندا في الفرق إلى ظهورها في إرادة التعبد الظاهر في المباشرة.
والخلط في هذا كله - بين الشرط والمقوم، وبين ما نحن فيه من التولية في الواجب وبين الوكالة والنيابة في الواجبات، وبين العبادات والتوصليات مع اشتراك الكل في إرادة التعبد من الأمر فيها وإن سقط التعبد بغيره في التوصليات، وبين سقوط الأمر وحصول الامتثال - يظهر بالتأمل فيما ذكرناه.
ثم إنه ربما يستدل على وجوب المباشرة بقوله تعالى: ﴿ولا يشرك بعبادة ربه أحدا﴾ (1) بناء على ظاهره - المفسر به في بعض الأخبار - من