يقتضي الوجه الثالث، لأن فعل المستحبات والآداب في الفائتة السابقة يوجب التأخير في لا حقتها.
مضافا إلى أن مقتضى فورية أصل الواجب: وجوب تحصيله في أول أوقات إمكان حصوله.
إلا أن يقال بعد ثبوت التخيير بين أفراد المأمور به (1) المختلفة في الطول والقصر، يكون المراد المسارعة إلى التلبس بالفعل من غير التفات إلى زمان الفراغ عنه، الذي هو زمان حصول المأمور به في الخارج، كما إذا وجبت الكفارة المخيرة بين الخصال فورا، فإن ذلك لا يوجب وجوب اختيار العتق على صوم شهرين إذا كان يحصل في زمان أقل من الصوم.
وفيه: أنه مسلم إذا كان المأمور به هي الأمور المخيرة شرعا، أما إذا كان التخيير عقليا. فمنشأ حكم العقل به ملاظة كون كل من الأفراد مما يتحقق به إتيان المأمور به على الوجه الذي أمر به. فإذا لم يتحقق إتيانه على النحو الذي أريد في ضمن بعض الأفراد، فلا يحكم العقل بجواز اختيار ذلك البعض، ولذا لا يجوز إذا أمر المولى بإحضار شئ فورا الاشتغال بمقدمات الفرد الذي لا يحصل إلا بعد زمان طويل، وكذا التلبس بفرد لا يحصل تمام وجوده في الخارج إلا بعد زمان طويل.
نعم لو قامت القرينة على أن الفورية راجعة إلى التلبس بالمأمور به - لا إلى تحصيله في الخارج - صح الاكتفاء بالمبادرة إلى التلبس وإن لم يفرغ إلا بعد زمان يمكن الفراغ عن فرد آخر بأقل منه، لكنه خلاف ظاهر الصيغة المفيدة للفور.