لأجل اعتبار تأخرها (1) حين كونها حاضرة، فإنه لا يلزم من ذلك تقييد في تلك الاطلاقات، لأن فعل ما فات بجميع شروطه وأجزائه المعتبرة قبل الفوات لا يتحقق إلا بتأخيرها عن السابقة.
هذا ولكن يندفع بأن التقييد لازم، إما في إطلاق الحاضرة فلا يحتاج إلى تقييد إطلاق أدلة القضاء، إذ لم يعتبر فيها حينئذ أمر زائد على ما اعتبر فيها حال الأداء، وإما تقييد أدلة القضاء باشتراط تأخر لا حقها عن سابقها من غير اعتبار هذا الشرط في القضاء.
وحيث لم يثبت التقييد في أحدهما بالخصوص، وعلم من الخارج وجوب الترتيب بين الفوائت بأنفسها اقتصر عليه، ويرجع في حكم الحاضرة إلى الأصول.
نعم لو ثبت وجوب تقديم الفائتة على الحاضرة أمكن الاستدلال في مسألة الترتيب بين الفوائت بأنفسها، بناء على ما ذكر من دلالة أدلة وجوب قضاء ما فات على اعتبار جمع ما اعتبر في الأداء في القضاء.
هذا خلاصة الكلام في أدلة القولين المشهورين: المواسعة المطلقة، والمضايقة المطلقة.
وقد عرفت أن القول بالمواسعة وعدم وجوب الترتيب لا يخلو عن قوة، خصوصا فيما زاد على الفائتة الواحدة. إذ لم يكن فيما تقدم من أخبار المضايقة ما يتضمن لزوم ترتيب الحاضرة على الفائتة المتعددة، إلا ذيل صحيحة زرارة الطويلة الآمرة بتقديم المغرب والعشاء الفائتين على الفجر.