عصمتهم من الذنوب ما لا يخفى. قال الشهيد أعلى الله درجته في مقدمات الذكرى لا يقال صدر الآية وعجزها في النساء فتكون فيهن قلنا يأباه الضمير وهذا النقل الصحيح والخروج من حكم إلى آخر في القرآن الكريم كثير جدا اه ومر في أدلة إمامته ما يرتبط بالمقام.
بعث علي ع إلى اليمن في شهر رمضان سنة عشر من الهجرة.
ليخمس ركازها والركاز الذهب والفضة ويقبض ما وقع عليه الصلح مع وفد نجران من الحلل والعين وغير ذلك، وليدعو مذحج وزبيد كامير بطن من مذحج كمجلس أبو قبيلة من اليمن.
ومر أن بعث علي إلى اليمن كان مرتين واستظهرنا سابقا أنه كان ثلاث مرات إحداها سنة ثمان والثانية بين ثمان وتسع والثالثة هذه.
قال ابن سعد في الطبقات الكبير: ثم سرية علي بن أبي طالب إلى اليمن يقال مرتين إحداهما في شهر رمضان سنة عشر من مهاجر رسول الله ص قالوا بعث رسول الله ص عليا إلى اليمن وعقد له لواء وعممه بيده وقال امض ولا تلتفت فإذا نزلت بساحتهم فلا تقاتلهم حتى يقاتلوك فخرج في ثلثمائة فارس وكانت أول خيل دخلت إلى تلك البلاد وهي بلاد مذحج ففرق أصحابه فاتوا بنهب وغنائم ونساء وأطفال ونعم وشاء وغير ذلك وجعل على الغنائم بريدة بن الخصيب الأسلمي فجمع إليه ما أصابوا ثم لقي جمعهم فدعاهم إلى الاسلام فأبوا ورموا بالنبل والحجارة فصف أصحابه ودفع لواءه إلى مسعود بن سنان السلمي ثم حمل عليهم علي بأصحابه فقتل منهم عشرين رجلا فتفرقوا وانهزموا فكف عن طلبهم ثم دعاهم إلى الاسلام فأسرعوا وأجابوا وبايعه نفر من رؤسائهم على الاسلام وقالوا نحن على من ورائنا من قومنا وهذه صدقاتنا فخذ منها حق الله وجمع علي الغنائم فجزأها على خمسة اجزاء فكتب في سهم منها الله وأقرع فخرج أول السهام سهم الخمس وقسم علي على أصحابه بقية المغنم ثم قفل فوافى النبي ص بمكة قد قدمها للحج سنة عشر اه وهي حجة الوداع وسيأتي تمام خبره انش عند ذكر حجة الوداع. وفي سيرة دحلان: فقال علي يا رسول الله ما اصنع قال إذا نزلت بساحتهم فلا تقاتلهم حتى يقاتلوك وادعهم إلى قول لا إله إلا الله فان قالوا نعم فمرهم بالصلاة فان أجابوا فلا تبغ منهم غير ذلك والله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك مما طلعت عليه الشمس أو غربت إلى أن قال وخرج منهم رجل من مذحج يدعو إلى المبارزة فبرز إليه الأسود بن خزاعي فقتله الأسود واخذ سلبه وروى الكليني في الكافي بسنده عن الصادق ع قال: قال أمير المؤمنين ع بعثني رسول الله ص إلى اليمن وقال لي يا علي لا تقاتلن أحدا حتى تدعوه وأيم الله لأن يهدي الله على يديك رجلا خير لك مما طلعت عليه الشمس وغربت ولك ولاؤه يا علي وروي الشيخ في الأمالي بسنده عن الرضا عن آبائه ع أن رسول الله ص بعث عليا إلى اليمن فقال له وهو يوصيه يا علي أوصيك بالدعاء فان معه الإجابة وبالشكر فان معه المزيد وأنهاك عن المكر فإنه لا يحيق المكر السئ إلا باهله وأنهاك عن البغي فإنه من بغي عليه لينصرنه الله. قال ابن هشام في سيرته قال أبو عمرو المدني بعث رسول الله ص علي بن أبي طالب إلى اليمن وبعث خالد بن الوليد في جند آخر وقال إن التقيتما فالأمير علي بن أبي طالب اه. والظاهر أن هذا البعث هو الذي كان سنة عشر يدل عليه ما ذكره المفيد في موضع من ارشاده حيث قال: ولما عاد رسول الله ص من تبوك إلى المدينة قدم عليه عمرو بن معديكرب الزبيدي فامن بالله ورسوله وآمن من معه من قومه ورجعوا إلى قومهم ثم أن عمرا نظر إلى أبي كعب بن عثعث الخثعمي فاخذ برقبته ثم جاء به إلى النبي ص فقال أعدني على هذا الفاجر الذي قتل والدي فقال رسول الله ص هدر الاسلام ما كان في الجاهلية فانصرف عمرو مرتدا فأغار على قوم من بني الحارث بن كعب ومضى إلى قومه فاستدعى رسول الله ص علي بن أبي طالب وأمره على المهاجرين وانفذه إلى بني زبيد وأرسل خالد بن الوليد وأمره أن يقصد جعفي فإذا التقيا فأمير الناس أمير المؤمنين فسار أمير المؤمنين واستعمل على مقدمته خالد بن سعيد بن العاص واستعمل خالد على مقدمته أبا موسى الأشعري فاما جعفي فإنها لما سمعت بالجيش افترقت فرقتين فذهبت فرقة إلى اليمن وانضمت الفرقة الأخرى إلى بني زبيد فبلغ ذلك أمير المؤمنين ع فكبت إلى خالد بن الوليد ان قف حيث أدركك رسولي فلم يقف فكتب إلى خالد بن سعيد بن العاص:
تعرض له حتى تحبسه، فاعترض له حتى حبسه وأدركه أمير المؤمنين فعنفه على خلافه ثم سار علي حتى لقي بني زبيد بواد يقال له كثير فلما رآه بني زبيد قالوا لعمرو كيف أنت يا أبا ثور إذا لقيك هذا الغلام القرشي فاخذ منك الإتاوة قال سيعلم ان لقيني وخرج عمرو فقال من يبارز فنهض إليه أمير المؤمنين وقام إليه خالد بن سعيد وقال له دعني يا أبا الحسن بأبي أنت وأمي أبارزه فقال له أمير المؤمنين ان كنت ترى أن لي عليك طاعة فقف في مكانك ثم برز إليه أمير المؤمنين فصاح به صيحة فانهزم عمرو وقتل أخاه وابن أخيه واخذت امرأته ركانة بنت سلامة وسبي منهم نسوان وانصرف أمير المؤمنين ع وخلف على بني زبيد خالد بن سعيد لقبض صدقاتهم ويؤمن من عاد إليه من هرابهم مسلما فرجع عمرو بن معديكرب واستأذن على خالد بن سعيد فاذن له فعاد إلى الاسلام فكلمه في امرأته وولده فوهبهم له وقد كان عمرو لما وقف بباب خالد بن سعيد وجد جزورا قد نحرت فجمع قوائمها ثم ضربها بسيفه فقطعها جميعا وكان يسمي سيفه الصمصامة فلما وهب خالد بن سعيد لعمرو امرأته وولده وهب له عمرو الصمصامة.
قال المفيد في موضع آخر من الارشاد: كان رسول الله قد انفذ عليا إلى اليمن ليخمس ركازها ويقبض ما وافق عليه أهل نجران من الحلل والعين وغير ذلك فتوجه لما ندبه إليه رسول الله ص فانجزه ممتثلا أمره فيه مسرعا إلى طاعته ولم يأتمن رسول الله ص أحدا غيره على ما ائتمنه عليه من ذلك ولا رأي في القوم من يصلح للقيام به سواه فاقامه مقام نفسه في ذلك واستنابه فيه مطمئنا إليه ساكنا إلى نهوضه بأعباء ما كلفه فيه اه وقال ابن الأثير في حوادث سنة عشر: ذكر بعث رسول الله ص أمراءه على الصدقات. ثم قال: وبعث علي بن أبي طالب إلى نجران ليجمع صدقاتهم وجزيتهم ويعود ففعل وعاد ولقي رسول الله ص بمكة في حجة الوداع ثم ذكر استخلافه رجلا على الجيش كما يأتي والظاهر أن كلماتهم هذه كلها المتقدمة لبيان واقعة واحدة وانه غزا بني زبيد الذين هم بطن من مذحج في تلك السفرة وقبض ما صولح عليه أهل نجران وجمع الزكاة ثم قفل فاجتمع بالنبي ص في حجة الوداع. وغزوة زبيد المذكورة في كلام المفيد وان أمكن أن تكون سفرة وحدها غير السفرة لقبض ما صولح عليه أهل نجران إلا أنه لما ذكر بعث خالد معه علم أنهما سفرة واحدة لان ابن سعد ذكر انه في شهر