- نصر الحجارة من سفاهة رأيه * ونصرت رب محمد بصواب - - فضربته فتركته متجدلا * كالجذع بين دكادك وروابي - - وعففت عن أثوابه ولو انني * كنت المقطر بزني أثوابي - - لا تحسبن الله خاذل دينه * ونبيه يا معشر الأحزاب - وفي السيرة الحلبية وغيرها ان عمرا لما عبر هو ومن معه الخندق قال من يبارز فقام علي وقال انا له يا نبي الله قال اجلس انه عمرو ثم كرر النداء وجعل يوبخ المسلمين ويقول أين جنتكم التي تزعمون أنه من قتل منكم دخلها أ فلا يبرزن إلى رجل وقال:
- ولقد بححت من الندا * ء بجمعكم هل من مبارز - - اني كذلك لم أزل * متسرعا نحو الهزاهز - - ان الشجاعة في الفتى * والجود من خير الغرائز - فقام علي وهو مقنع في الحديد فقال انا له يا رسول الله قال اجلس انه عمرو ثم نادى الثانية ففعل مثل ذلك ثم نادى الثالثة فقام علي فقال انا له يا رسول الله فقال إنه عمرو فقال وإن كان عمرا وفي رواية أنه قال له هذا عمرو بن عبد ود فارس يليل وهو اسم واد كانت له فيه وقعة فقال وانا علي بن أبي طالب فاذن له وأعطاه سيفه ذا الفقار والبسه درعه وعممه بعمامته وقال اللهم أعنه وقال إلهي أخذت عبيدة مني يوم بدر وحمزة يوم أحد وهذا علي أخي وابن عمي فلا تذرني فردا وأنت خير الوارثين. وقال ابن أبي الحديد جاء في الحديث المرفوع ان رسول الله ص قال ذلك اليوم حين برز إليه: برز الايمان كله إلى الشرك كله فبرز إليه علي وهو يقول:
- لا تعجلن فقد أتا * ك مجيب صوتك غير عاجز - - ذو نية وبصيرة * والصدق منجى كل فائز - - اني لأرجو ان * أقيم عليك نائحة الجنائز - - من ضربة نجلاء يب * في صيتها بعد الهزاهز - فقال له عمرو من أنت قال انا علي قال ابن من قال ابن عبد مناف انا علي بن أبي طالب فقال غيرك يا ابن أخي من أعمامك من هو أشد منك فانصرف فاني أكره ان أهريق دمك فان أباك كان لي صديقا وكنت له نديما قال علي لكني والله ما أكره ان أهريق دمك فغضب وفي رواية أنه قال إني لأكره ان اقتل الرجل الكريم مثلك فارجع وراءك خير لك قال ابن أبي الحديد: كان شيخنا أبو الخير مصدق بن شبيب النحوي يقول إذا مررنا عليه في القراءة بهذا الموضع: والله ما أمره بالرجوع إبقاء عليه بل خوفا منه، فقد عرف قتلاه ببدر واحد وعلم أنه ان ناهضه قتله فاستحيا ان يظهر الفشل فاظهر الابقاء والارعاء وانه لكاذب فيهما اه وهذا ظاهر من كثرة مطاولة عمرو ومحاولته ومدافعته المبارزة واستعماله عبارات العطف والحنان مثل ولم يا ابن أخي؟ غيرك يا ابن أخي من أعمامك من هو أشد منك ان أباك كان لي صديقا ونديما وكان بيني وبينه خلة فما أحب ان أقتلك اني أكره ان اقتل الرجل الكريم مثلك وكل هذا ظاهرا في إرادة التخلص والتملص بحيلة لا يظهر معها العجز وليس المقام مقام صداقة ومنادمة بينه وبين أبيه ولا مقام عطف وحنان فذلك له مقام آخر غير الحرب فعمرو الذي حارب يوم بدر حتى أثبتته الجراحة ونذر ان لا يمس رأسه دهن حتى يقتل محمدا قد بلغت به العداوة أشدها ولا فرق عنده بين محمد وابن عمه المحامي عنه الذي خرج لقتله وكون المبارز له كريما لا يمنع من مبارزته وقتله وما زال المبارز يقول لقرنة كفو كريم ويجعل ذلك داعيا لمبارزته وقد قال عتبة يوم بدر لحمزة وعبيدة وعلي لما انتسبوا له اكفاء كرام وبارزهم ولكن عمرا علم أن من قتل نصف المقتولين ببدر وفيهم الابطال الشجعان وقتل كبش الكتيبة بأحد وأصحاب اللواء وأكثر المقتولين بها لا بد ان يلحقه بهم إذا بارزه فلذلك أراد التخلص منه بصورة غير الهرب فلم يقدر. فقال له علي يا عمرو انك كنت تقول لا يدعوني أحد إلى واحدة من ثلاث الا قبلتها قال أجل قال فاني أدعوك ان تشهد ان لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وتسلم لرب العالمين، قال يا ابن أخي أخر عني هذه فقال له اما انها خير لك لو اخذتها، قال واخرى ترجع إلى بلادك فان يك محمد صادقا كنت أسعد الناس به وإن يك كاذبا كان الذي تريد قال هذا ما لا تتحدث به نساء قريش ابدا كيف وقد قدرت على استيفاء ما نذرت فإنه نذر لما أفلت هاربا يوم بدر و قد جرح أن لا يمس رأسه دهنا حتى يقتل محمدا، قال فالثالثة قال البراز قال إن هذه لخصلة ما كنت أظن أن أحدا من العرب يروعني بها ولم يا ابن أخي؟ فوالله ما أحب أن أقتلك فقال علي ولكني والله أحب أن أقتلك فحمي عمرو فقال له علي كيف أقاتلك وأنت فارس ولكن انزل معي فاقتحم عن فرسه فعقره أو ضرب وجهه وسل سيفه كأنه شعلة نار واقبل على علي فتنازلا وتجاولا فاستقبله علي بدرقته فضربه عمرو فيها فقدها وأثبت فيها السيف وأصاب رأسه فشجه فضربه علي على حبل عاتقه فسقط. وفي الارشاد: روى محمد بن عمر الواقدي حدثني عبد الله بن جعفر عن أبي عون عن الزهري قال جاء عمرو بن عبد ود وعكرمة بن أبي جهل وهبيرة بن أبي وهب ونوفل بن عبد الله بن المغيرة وضرار بن الخطاب في يوم الأحزاب إلى الخندق فجعلوا يطوفون به يطلبون مضيقا منه فيعبرون حتى انتهوا إلى مكان أكرهوا خيولهم فيه فعبرت وجالت خيلهم فيما بين الخندق وسلع والمسلمون وقوف لا يقدم منهم أحد عليهم وجعل عمرو بن عبد ود يدعو إلى البراز ويعرض بالمسلمين ويقول:
- ولقد بححت من الندا * ء بجمعهم هل من مبارز - وفي كل ذلك يقوم علي بن أبي طالب ليبارزه فيأمره رسول الله ص بالجلوس انتظارا منه ليتحرك غيره والمسلمون كان على رؤوسهم الطير لمكان عمرو بن عبد ود والخوف منه وممن معه ومن ورائه فلما طال نداء عمرو بالبراز وتتابع قيام أمير المؤمنين ع قال له رسول الله ص ادن مني يا علي فدنا منه فنزع عمامته من رأسه وعممه بها وأعطاه سيفه وقال له امض لشأنك ثم قال اللهم أعنه فسعى نحو عمرو ومعه جابر بن عبد الله الأنصاري لينظر ما يكون منه ومن عمرو فلما انتهى أمير المؤمنين إليه قال يا عمرو انك كنت في الجاهلية تقول لا يدعوني أحد إلى ثلاث الا قبلتها أو واحدة منها قال أجل قال فاني أدعوك إلى شهادة ان لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وان تسلم لرب العالمين قال يا ابن أخ أخر هذه عني فقال له اما انها خير لك لو أخذتها ثم قال فهاهنا أخرى قال ما هي قال ترجع من حيث جئت قال لا تحدث نساء قريش بهذا ابدا قال فهاهنا أخرى قال وما هي قال تنزل فتقاتلني فضحك عمرو وقال إن هذه الخصلة ما كنت أظن أحدا من العرب يرومني عليها اني لأكره ان اقتل الرجل الكريم مثلك وقد كان أبوك لي نديما قال علي لكني أحب ان أقتلك فأنزل ان شئت فأسف عمرو ونزل وضرب وجه فرسه حتى رجع قال جابر فثارت قترة فما رأيتهما فسمعت التكبير تحتها فعلمت أن عليا قد قتله فانكشف أصحابه اه وثوران الغبرة بينهما حتى حجبتهما عن الابصار دليل شدة المنازلة والمجاولة وانها بلغت أقصى درجات الشدة والا فما تبلغ مجاولة رجلين حتى تثير غبارا يغطيهما لا شك ان مقاومة عمرو بلغت أشدها ومجاولة علي بلغت اقصى ما