ما نسب إليه، فإنه لا ظهور له في اعتبار وجود الملاكين في التزاحم، وقد عبر في غير هذا الموضع بتحقق التزاحم بين الحكمين، فلا دليل على تخصيصه مورد التزاحم بمورد وجود المقتضيين ووقوع التزاحم بينهما.
وعلى كل فنقول: ان قصد ذلك - أعني تحديد باب التزاحم - فهو ينافي ما فرضه من كون بعض صور المقام من موارد التعارض وهي صورة كون الدليلين لبيان الحكم الفعلي. وإن لم يقصد ذلك، بل كان نظره إلى تحديد مسألة الاجتماع، فيكون اعتباره وجود الملاك في كون المورد من موارد باب الاجتماع، كاعتبار المندوحة في محل النزاع من قبل بعض، وهو غير وجيه لان وجود الملاك وعدمه أجنبي أيضا عن الحكم بالجواز أو الامتناع لاجل التضاد.
كما أن الأثر العملي لا يتوقف ترتبه على ذلك، إذ على القول بالجواز لا يلزم لاجل الحكم بثبوت الحكمين فعلا احراز الملاك، بل اطلاق الدليلين يكفي في ذلك. ومنه يستكشف ثبوت الملاك - كما صرح به هو (قدس سره) -. وعلى القول بالامتناع لا ملزم لترتيب ما ذكره من الأثر المتوقف على إحراز الملاك.
فليكن المقام من موارد التعارض لو لم يكن الملاك ثابتا.
ثم إنه يرد عليه أيضا: انه ذكر في صدر كلامه انه ان أحرز عدم وجود الملاك في أحد الحكمين كان المورد من موارد التعارض، وإن لم يحرز ذلك كان من موارد تزاحم المقتضيين. وذكر في ذيل كلامه بقوله: " فتلخص... " هذا المعنى بنحو عكسي، إذ ذكر أنه كلما أحرز وجود الملاكين كان المورد من موارد باب الاجتماع، وكلما لم يحرز ذلك كان من باب التعارض فالتفت.
ثم إن في كلامه بعض موارد للبحث والنقض والابرام نتعرض إليها بعد حين انشاء الله تعالى. وحيث جرى حديث ضابط التزاحم والتعارض فلا بأس بصرف عنان الكلام إلى تحديد ضابط التزاحم وتمييزه عن التعارض فنقول ومن الله نستمد العون: