والتعارض فذكر: ان الفرق بين البابين كبعد المشرقين، ولأجل ذلك كان البحث في أن الأصل عند الشك في كون مورد من موارد التزاحم أو موارد التعارض، هل هو التزاحم أو التعارض؟. ناشئ عن الخلط بينهما وعدم ملاحظة جهة الفرق بينهما، فإنه كالبحث في حصول أصل في الأشياء هل هو الطهارة أو بطلان بيع الفضولي، فان باب التزاحم يفترق عن باب التعارض من وجوه ثلاثة توجب حصول الفصل البعيد بينهما وهي: افتراقه عنه في مورد التصادم، وفي الحاكم بالترجيح أو التخيير، وفي جهة التقديم.
اما افتراقهما في مورد التصادم فبيانه: ان التنافي بين الحكمين:
تارة: يكون في مقام الجعل والانشاء بحيث كان من المحال جعل كلا الحكمين كالحكمين المتضادين في المورد الواحد، فإنه لا يمكن جعل الوجوب والحرمة على فعل واحد وأخرى: يكون في مقام الفعلية، بان لا يكون هناك مانع من جعل كلا الحكمين على موضوعيهما، المقدر، الا ان التمانع يكون في مقام فعلية هذين الحكمين وتحقق موضوعيهما، كالتمانع الحاصل بين الحكمين الثابتين على موضوعين إذا لم يمكن امتثالهما معا، كوجوب إنقاذ هذا الغريق ووجوب انقاذ ذاك الغريق.
فالنحو الأول من التنافي هو التعارض والنحو الثاني هو التزاحم.
ونكتة الفرق بينهما ترجع إلى أن ثبوت أحد الحكمين المتنافيين بالنحو الأول يستلزم تضييق دائرة جعل الحكم الاخر، فمثلا لو ورد وجوب إكرام العالم وحرمة اكرام الهاشمي، فاجتمع الوصفان في شخص، فإنه يمتنع ثبوت الحكمين له ويستحيل شمول جعلهما لمورد التصادق فلا بد من رفع اليد عن أحدهما في ثبوت الاخر، فتضيق دائرة جعله.
وأما ثبوت أحد الحكمين المتنافيين بالنحو الثاني، فهو لا يلزم منه تضييق دائرة جعل الاخر، بل دائرة جعله على حالها لا يمسها شئ، وانما يكون نفي