مقام الاثبات ومعرفة ما هو مفاد دليل النهي، وانه هل هو متعلق بصرف الوجود أو بجميع الوجودات أو مجموعها؟ فتدبر.
وتحقيق المقام: ان المتعين هو الالتزام باستمرار النهي وعدم سقوطه بالمخالفة، وذلك لوجود القرينة العامة على ذلك، وهي كون النهي ناشئا عن مفسدة في متعلقه. ومن الواضح ترتب المفسدة نوعا على كل فرد من افراد الفعل لا على مجرد صرف وجوده أو مجموع الافراد. فكل فرد يقصد تركه، فإذا لم يترك أحد الافراد لزم ترك غيره لوجود المفسدة فيه.
وبالجملة: هذه القرينة تعين احتمال الاستغراق والانحلال في النهي، وتنفي سائر الاحتمالات، فهي بضميمة الاطلاق تثبت المدعي.
وقد استدل السيد الخوئي (حفظه الله) في حاشيته على أجود التقريرات بهذا البيان على: ان امتثال النهي لا يكون إلا بترك جميع الافراد، وهذا الشئ هو الفارق بين الأمر والنهي (1).
ومن الواضح انه خلط بين الجهتين الثالثة والرابعة، إذ عرفت ارتباط هذا البيان بالجهة الرابعة من الكلام دون الثالثة، فان ملاكها يختلف عن هذا البيان على ما عرفت.
ثم إن للمحقق النائيني (قدس سره) بيانا طويلا تكفل تقسيم النهي، وانه تارة يتعلق بترك الطبيعة بنحو المعنى الاسمي. وأخرى يتعلق بترك الافراد ويلزمه ترك الطبيعة، والثمرة في أنه لو خالف على الأول يسقط النهي بخلاف الثاني لانحلال الحكم، ثم رجح انه بالنحو الثاني، وتعرض بعد ذلك إلى بيان ان انحلال النهي بالنسبة إلى الافراد الطولية يكون بأحد وجهين. ثم اختار الثاني منهما اثباتا (2).