كان اخباريا أو انشائيا. وعليه ففي مورد الامر والانشاء تكون في النفس صفة غير الإرادة يحكي عنها الكلام اللفظي الانشائي، فعبر عنها الأشاعرة بالطلب لأنها من سنخ الكلام اللفظي، وبذلك يختلف الطلب عن الإرادة ذاتا وحقيقة.
هذا هو الأساس في ذهاب الأشاعرة إلى تغاير الطلب والإرادة، كما قيل.
والاشكال فيه واضح: فان ما ذكروه انما يتم لو كان التكلم من صفات الذات لاتحادها مع الذات المستلزم لقدمها.
ولكنه ليس كذلك، بل هو من صفات الفعل التي يصح سلبها عن الذات في حين ما، وهو الفارق - كما قيل - بينها وبين صفات الذات، كالرازق والخالق، وهي لا يلزم ان تكون قديمة لعدم اتحادها مع الذات، بل هي حادثة ولذلك يقال:
(خلق الله زيدا الآن، ورزقه كذا فعلا)، ولم يكن كل من الخلق والرزق قديما كما لا يخفى، فالكلام كذلك. وعليه فلا يمتنع ان يراد من الكلام هو الكلام اللفظي، ولا موجب للالتزام بثبوت الكلام النفسي.
بل قيل: بامتناع الالتزام بالكلام النفسي وانه صفة من صفات النفس غير الإرادة، لإقامة البرهان في محله على تعيين الكيفيات النفسانية وتحديد صفات النفس وامتناع غيرها، وليس منها الكلام النفسي (1).
ولا موجب لذكر الدليل وملاحظة صحته أو سقمه.
وانما نقول: انه على تقدير تسليم الدليل على امتناع وجود صفة نفسانية غير الإرادة والعلم وغيرهما مما قيل بانحصار الكيفيات النفسانية فيه، فيمكننا الالتزام بالكلام النفسي، لا على أن يكون من صفات النفس، بل يكون من أفعال النفس ومخلوقاتها وموجوداتها، فان النفس لها قابلية ايجاد الصور وحمل أحدها على الأخرى، والحكم بان هذا ذاك والتصديق والجزم به، فان هذا مما لا .