الامر بشئ. وهو بهذا النحو يكون عقليا.
الثاني: أن يكون النزاع في أن مدلول الامر هل هو الإرادة والطلب متحد معها، أو منطبق على الكاشف عنها كي يكون الصيغة كاشفة عن الإرادة، فيترتب عليه ما يترتب على احراز إرادة المولى، أولا فتكون الصيغة كاشفة عن الطلب المغاير للإرادة، فلا يترتب عليها ما يترتب على احراز إرادة المولى.
والمسألة بهذا النحو تكون أصولية.
الثالث: أن يكون النزاع في مرادفة لفظ الطلب للفظ الإرادة بلا نظر إلى ثبوت صفة أخرى في النفس ولا إلى مدلول الصيغة. والمسألة بهذا النحو تكون لغوية محضة.
وعليه فالكلام يقع في الانحاء الثلاثة:
اما في ثبوت صفة أخرى نفسانية غير الإرادة، فقد التزم به الأشاعرة، وعبروا عنها بالكلام النفسي في الجمل الاخبارية وبالطلب في الانشائيات.
ومنشأ التزامهم بثبوت هذه الصفة في النفس هو: انه مما لا ريب فيه أن الله جل اسمه يطلق عليه متكلم ويوصف بالتكلم كما يوصف بالعلم والإرادة وغيرهما. وبما أن صفاته جل شأنه عين ذاته وجودا لزم ان تكون قديمة كقدم ذاته. فيلزم أن يكون الكلام الموصوف به الله قديما، فيمتنع ان يراد به هو الكلام اللفظي لوضوح حدوثه وتصرمه فليس هو بقديم، فلا بد أن يكون امرا قديما في نفس المولى كشف عنه الكلام اللفظي، فهناك صفة أخرى في النفس غير الإرادة هي الكلام النفسي، لأنه يوصف بهما فيقال: مريد ومتكلم، وهو يقتضي المغايرة. ومن هنا قال شاعرهم:
(ان الكلام لفي الفؤاد وانما جعل اللسان على الفؤاد دليلا) فالكلام اللفظي كاشف عن وجود صفة نفسانية من سنخه وحاك عنها، سواء