أوجد المكلف الصلاة والحج وغيرهما من العبادات، قاصدا حصول عناوينها ولو بشهوة نفسه، التزم بالصحة والإجزاء، مع أن هذا خلاف الإجماع، بل الضرورة.
وثالثها: ما أفاده في " الدرر " أيضا بما ملخصه: أن ذوات الأفعال - مقيدة بعدم صدورها عن الدواعي النفسانية - متعلقة للأمر، وهذا ليس تمام المطلوب، لكن يتحد في الخارج معه؛ فإن المطلوب هو الأفعال مع الدليل الإلهي، وصرف الدواعي النفسانية، وهما متحدان في الخارج، والمولى إنما أمر بأحد الجزءين لتعذر الأمر بكليهما، والأمر بأحد الجزءين إنما يكون للغير، كالغسل قبل الفجر لا غيريا، فلهذا لا يكون الأمر صوريا، بل حقيقيا، والإشكال من ناحية القدرة قد عرفت دفعه.
فتحصل: أن ما اخذ في المتعلق، لا يكون قصد التقرب وأمثاله، ولكن يتحد معه، فلا محذور فيه (1).
وفيه: - بعد الاعتراف بأن هذا التقرير أسلم من الإشكال مما أفاده الشيخ من تصور الأمرين (2) مع أنه يرد عليه ما أوردنا على مقالة الشيخ (رحمه الله)؛ فإن ما هو المطلوب هو الأجزاء مع كلا القيدين بالفرض، فقصد أحد القيدين؛ أي صرف الدواعي النفسانية فقط، لا يكون مقربا، بل الأمر به صوري لا حقيقي - أنه لا دليل على اعتبار صرف الدواعي النفسانية في العبادات.
نعم، إنه ملازم لما قام الدليل - من الإجماع والضرورة - على اعتباره؛ وهو قصد التقرب.
وفي الحقيقة: هذا التزام بالإشكال، لا دفع له؛ فإنه بعد اعتبار قصد التقرب في العبادات بالإجماع نشأ هذا الإشكال، فلابد من دفعه مع هذا الفرض.