الماهية آلة للحاظ الخصوصيات والحالات، حتى تكون ملحوظة ودخيلة في تعلق الحكم، بل حقيقته عبارة عن جعل الطبيعة تمام الموضوع للحكم، خالية عن كافة القيود والحالات.
فموضوع وجوب الحج في قوله (ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا) (1) ليس إلا المستطيع، من غير دخالة شيء من الحالات السابقة على تعلق الحكم به، أو اللاحقة له، ومن غير لحاظ شيء سوى نفس طبيعة المستطيع في موضوع الحكم.
و (البيع) في قوله: (أحل الله البيع) (2) ليس آلة للحاظ شيء من الحالات أو الخصوصيات، بل معنى إطلاقه أنه بنفسه - من غير قيد - موضوع للحلية، ويكون تمام الموضوع لها هو البيع بما أنه هو.
فبناء عليه، يكون الحكم المتعلق بالموضوع المطلق، محفوظا مع الحالات السابقة واللاحقة. فوجوب صلاة الجمعة ثابت لها مع الشك في وجوبها، ومع العلم به، كما أنه ثابت لها مع الحالات السابقة على تعلق الحكم.
فالإطلاق محفوظ مع الطوارئ السابقة على تعلق الحكم واللاحقة له؛ لما عرفت (3) من أن معنى الإطلاق ليس عبارة عن لحاظ القيود، حتى يقال:
بامتناع لحاظ الحالات المتأخرة عن تعلق الحكم، بل هو عبارة عن كون الشيء موضوعا للحكم، من غير دخالة قيد من القيود أو لحاظه، والذات الموضوعة للحكم محفوظة مع كافة الحالات السابقة واللاحقة، من غير دخالتها في الحكم.