وملاك ومصلحة كائنة فيها، لكنها لم تكن تمام الملاك، فالشارع أمر بتلك الأركان لرجحان ما فيها، وأراد بأمره تمكين العبد من تحصيل تمام الملاك والمصلحة التامة الملزمة الموجبة لقرب العبد، وعروجه معراج الكمال، فأمر أولا بالصلاة، وجعل شرطها الطهارة الواقعية؛ لملاك واقعي.
وهذا الأمر مع الشرط الكذائي، مكن المكلف من تحصيل المصلحة التامة النفس الأمرية. وإذا شك المكلف في طهارة لباسه، صار موضوعا لإذنه بإتيانها مع اللباس المشكوك فيه؛ لملاك التسهيل كما عرفت.
وهذا الإذن في هذا الموضوع، يمكن أن يكون دخيلا في تحصيل المصلحة التامة، ويكون الإذن ممكنا للعبد من تحصيلها، وقبل الشك لا يكون الموضوع محققا، بل يكون الحكم الواقعي ممكنا له، ومع الشك يكون الإذن وجعل الطهارة الظاهرية كذلك، فجعل الحكمين الظاهري والواقعي، مما لا مانع عقلي منه.
وهذه الدعوى وإن لم تكن مقرونة بدليل مثبت لها، لكن مجرد الإمكان كاف في لزوم الأخذ بظهور دليلي الحكم الواقعي والظاهري؛ إذ لاترفع اليد عن الظهور الحجة إلا بدليل قاطع عقلي أو نقلي، ومع هذا الاحتمال ترفع دعوى الامتناع، فيجب الأخذ به.
ثم إن ما ذكرنا: من ظهور دليل الحكم الظاهري في الإجزاء، يأتي في أدلة الأمارات أيضا طابق النعل بالنعل؛ فإن ظاهر ما دل على وجوب العمل بقول الثقة أو جوازه، هو صيرورة الصلاة مع الطهارة الظاهرية المخبر بها، مصداقا للصلاة المأمور بها، فدليل حجية الأمارات يوجب التوسعة في مصاديق المأمور به، كدليل الأصل من غير فرق بينهما من هذه الجهة.
فلا فرق بين قوله: " يجب العمل على طبق الحالة السابقة لدى الشك "