للإشارة من تعين المشار إليه بوجه: إما بنحو الحضور خارجا، أو ذهنا، أو بنحو التخاطب كضمير المخاطب، أو التكلم كضمير المتكلم. ف " أنت " وأخواتها وضعت للإشارة إلى متعين بالتخاطب، و " هو " وأخواتها وضعت للإشارة إلى متعين في الذهن، أو سابق في اللفظ، وإذا لم يكن للمرجع تعين بوجه، فلا يكون للإشارة مورد، فلابد وأن يرجع الضمير إلى كل ما اريد من العام؛ لأنه المذكور في الكلام والمتعين في المقام، ولا يكون بعض ما اريد من العام متعينا بوجه؛ لا لفظا وذكرا، ولا عقلا وذهنا، فاحتمال رجوعه إلى البعض ساقط.
وإن شئت قلت: إن الضمير لما وضع لأن يكون آلة للإشارة إلى متعين، يكون تابعا للمشار إليه في العموم والخصوص، فأصالة الظهور في الضمير تابعة لأصالة العموم؛ فجريان الأصل في العام يرفع الشك من الضمير، ويكون من قبيل الأصل الحاكم.
وأما حديث المجاز في الإسناد - بإسناد أحقية الرجوع في الآية إلى كل المطلقات توسعا - فهو أيضا ساقط، لأن إسناد ما للبعض إلى الكل، إنما يحسن إذا اعتبر الكل شيئا واحدا، وادعي أن ما صدر من البعض صادر من الكل؛ لمكان اتحاده معه، كقوله: " بنو فلان قتلوا فلانا "؛ بدعوى أنهم بمنزلة شخص واحد، فإذا صدر من واحد منهم أمر، فقد صدر منهم، وأما مع إرادة الاستغراق من العموم، فحيث يكون كل واحد من أفراده مستقلا في الحكم من غير ادعاء الوحدة، فلا مصحح للتجوز وإرجاع الضمير إلى الكل توسعا، فإذا سقط الاحتمالان، بقي الاحتمال الأول.
والتحقيق: أن العام باق على عمومه، والضمير راجع إليه والإسناد واقع عليه بحسب الإرادة الاستعمالية، والمخصص الخارجي أخرج بعض ما اريد - بحسب الاستعمال - عن العام، كما هو الحال في كلية المخصصات.