قبل الفحص حجة؛ حتى يكون الفحص عن مزاحمها بعد تمامية الحجة، بل الفحص من متممات الحجية، كما أن النقل الدال على البراءة والاستصحاب [يكون] من العمومات أو الإطلاقات التي تكون مورد البحث في جواز التمسك بها قبل الفحص، وقد عرفت أن المسألة ليس من المسائل الإجماعية.
ثم اعلم: أن " الجواز " في عنوان البحث ليس الجواز التكليفي؛ بمعنى أنه لو عمل به قبل الفحص لارتكب محرما، بل بمعنى صحة الاحتجاج وعدمه، كما هو الشأن في سائر المسائل الاصولية، فلو عمل به قبل الفحص، فصار مخالفا لمطلوب المولى - لأجل ورود التخصيص - لم يكن معذورا، ويكون معاقبا على مخالفة الواقع، لا على ترك الفحص والعمل بالعام قبله، كما أنه لو عمل به بعده يكون معذورا، وله الحجة على المولى.
ثم إن محل البحث في المسألة - كما يظهر من المحقق الخراساني - إنما هو بعد الفراغ عن اعتبار أصالة العموم بالخصوص من باب الظن النوعي، لا من باب الظن المطلق، ولا من الظن الخاص الفعلي، ولا يكون العلم الإجمالي حاصلا بوجود المخصص (1)؛ ضرورة أن مع القول باعتبارها من باب الظن المطلق أو الظن الفعلي، يكون الأمر دائرا مدار حصولهما، فلا مجال للبحث عن الحجية قبل الفحص أو بعده، كما أنه لو علم إجمالا بورود المخصص، فلا مجال للتشكيك في لزوم الفحص، وإن يظهر من استدلال بعض المحققين على لزومه بالعلم الإجمالي بورود المخصصات (2)، أعمية البحث.
وكيف كان: فقد استدل المحقق الخراساني (رحمه الله) على عدم الجواز فيما إذا كان