قانون وتشريع الذي من شأنه أن تذكر فيه المخصصات والمقيدات وسائر القيود والحدود. وهذا المقنن قد لا يبالي بمخالفة أحكامه عند الجهل بها، وقد لا يكون كذلك، بل يكون معتنيا بها، ففي هذه الصورة لا يكون للعبد عذر في ترك الفحص عن أحكامه الواقعية.
والأمر في الأحكام الشرعية كذلك؛ فإن أحكامه تعالى قوانين مدونة في الكتاب والسنة النبوية وأخبار أهل العصمة - عليهم صلوات الله - ويكون من شأنها ورود المخصصات والمقيدات عليها، وقد أمر الله تعالى عباده بتعلم أحكامه، فقال: (فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين...) (1) إلى آخره، وورد: أن " طلب العلم فريضة على كل مسلم " (2) و " هلا تعلمت " (3) وأمثالها (4).
والذي يظهر بالتأمل في الآيات والأخبار أن المراد بالعلم ليس هو العلم الوجداني، بل هو بمعنى العلم بالأحكام من طريق الأدلة - أي الخطابات الواردة في لسان الكتاب والسنة - كما هو الظاهر من قوله تعالى: (أو أثارة من علم) (5)؛ أي العلم المأثور، ومعلوم أن وجوب التعلم ليس نفسيا يعاقب المكلف على تركه، بل يكون العقاب على ترك الأحكام الواقعية.
وبالجملة: قد قطع الله تعالى العذر عن عباده في ترك الفحص وترك التعلم لأحكامه الواقعية، فلله على الناس حجة بالغة (6)، وليس لهم عليه تعالى