ومستقيما، بل هي مستعملة في المعاني الحقيقية، والمعاني مستعملة في المعاني المجازية.
إذا عرفت ذلك فاعلم: أن العام قد يكون مستعملا في العموم، ويجعل المتكلم المعنى العام عبرة للخاص؛ بدعوى اتحادهما، مثل قول بعضهم في مدح بعض الامراء: " إن جميع العالم بلد الأمير، وجميع الناس هو الأمير "، وحينئذ يكون حاله حال سائر المجازات.
وقد يستعمل العام في معناه الموضوع له، لكن لا يريد بقاء تمام أفراده في ذهن السامع وتعلق الحكم بجميعها، بل يريد إحضار العام وإخراج ما لا يريد أن يتعلق به الحكم؛ لعدم لفظ خاص للباقي، أو تعلق غرضه بإفهامه كذلك جريا على العادة، فإذا قال: " أكرم العلماء "، وأراد جميعهم بالإرادة الاستعمالية، ولم يكن العام مستعملا في الخاص - كما عرفت في المجازات - فقد يريد بقاء العام على عمومه، وقد يريد إخراج بعض الأفراد منه، فيستعمل العام توطئة لإخراج الخاص وبقاء الباقي.
وهذا الاستعمال لا يكون بمثابة الاستعمالات الحقيقية؛ لعدم تعلق الغرض ببقاء تمام الموضوع له في ذهن السامع وثباته فيه كالحقائق، ولا بمثابة الاستعمالات المجازية؛ لعدم ادعاء في البين، وعدم عبرة العام إلى المعنى الغير الموضوع له، فهو أمر متوسط بينهما، فاريد الخاص بالإرادة الاستعمالية في ضمن العام، واريد الباقي بالجدية والاستعمالية في ضمنه.
ولافرق في ذلك بين العام الاستغراقي والمجموعي؛ أي اللفظ الموضوع للمركبات، كالدار والبستان والبيت، فإذا قيل: " بع داري إلا عشرها " يكون حاله حال العام الاستغراقي المخصص، وقد عرفت (1): أن القدماء مثلوا للعام